كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 1)

وذكَر أبو بكر بنُ أبي شيبةَ، قال (¬١): حدَّثنا الثقفيُّ، عن خالد، عن عكرمةَ، أنه كرِهَ الشُّربَ بنَفَسٍ واحدٍ، وقال: هو شُرْبُ الشَّياطين.
وأخبرنا أحمدُ بنُ سعيدِ بنِ بشر، قال: حدَّثنا محمدُ بنُ عبد اللَّه بنِ أبي دُلَيم، قال: حدَّثنا ابنُ وَضّاح (¬٢)، قال: كنت أرى سُحْنُونًا إذا أُتِيَ بالماءِ يشربُه، يُسمي اللَّهَ، ثم يتناولُ منه شيئًا، ثم يرفعُ رأسَه، فيَحمَدُ اللَّهَ، رأيتُه يفعل ذلك مرارًا.
قال أبو عُمر: فِعْلُ سُحْنُونٍ هذا، حسنٌ في الأدب، وليس بسُنّةٍ، ولكنّه أهنأُ وأمرأُ، كما قال -صلى اللَّه عليه وسلم- في ذلك، ولعلَّ سُحْنُونًا بلغَهُ في ذلك، ما كان ابنُ عُيينةَ يرويه، عن إسرائيلَ، عن كَهْمسٍ، عن أنسِ بنِ مالك، أنّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "الشُّرب في ثلاثةِ أنفاسٍ أمْرأُ وأشْفَى، وأشهى، وأبرأ" (¬٣)، وقد لقيَ سُحْنُونٌ ابنَ عُيينةَ، وأخذَ عنه.
وجدتُ في أصل سماع أبي رحمه اللَّه بخطِّه، أنّ أبا عبدِ اللَّه محمدَ بنَ أحمدِ بنِ قاسم بنِ هلال، حدَّثهم، قال: حدَّثنا سعيدُ بنُ عثمان، قال: حدَّثنا نصرُ بنُ مرزوق، قال: حدَّثنا أسدُ بنُ موسى، قال: حدَّثنا حمّادُ بنُ سلمة، ووكيعٌ وإسرائيلُ، عن هشام بنِ أبي عبدِ اللَّه الدَّسْتُوائيّ، عن أبي عصام، عن أنسِ بنِ مالك، قال: كان رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، إذا شرِبَ تنفّسَ ثلاثًا، ويقول: "هو أهنأُ، وأمرأُ وأبرأُ" (¬٤).
---------------
(¬١) في المصنَّف ٨/ ٢٦٧ (٢٤٦٤٦). الثقفيُّ: هو عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، وخالد: هو ابن مهران الحذّاء.
(¬٢) هو محمد بن وضّاح بن بزيع.
(¬٣) ذكره الدارقطني في أطراف الغرائب والأفراد ٢/ ١٧٣ (١٠٤٨)، وقال: "تفرّد به أبو جعفر محمد بن سُويد الأدميّ، عن ابن عُيينة، عنه -يعني عن كهمس- وكان من الثقات العُبّاد".
وهو في الفردوس بمأثور الخطاب للديلمي ٢/ ٣٦٢ (٣٦١٥).
(¬٤) أخرجه أحمد في المسند ١٩/ ٢٢٣ (١٢١٨٥)، ومسلم (٢٠٢٨) (١٢٣)، وأبو داود (٣٧٢٧)، والنسائي في الكبرى ٦/ ٣٠٦ (٦٨٦٠) من طرق عن هشام بن أبي عبد اللَّه الدَّستوائيّ، به. وكيع: هو ابن الجراح، وإسرائيل: هو ابن يونس بن أبي إسحاق السَّبيعي.

الصفحة 670