كتاب التمهيد - ابن عبد البر - ت بشار (اسم الجزء: 1)
مالكِ بنِ أنسٍ في مسجدِ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، إذْ أتاه رجلٌ، فقال: أيُّكُم أبو عبدِ اللَّه مالكٌ؟ فقالوا: هذا. فجاءه فسلَّم عليه، واعْتَنَقَه، وقبَّل بين عَيْنَيْه وضمَّه إلى صدرِه، وقال: واللَّه لقد رأيتُ البارحةَ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- جالسًا في هذا الموضع، فقال: "هاتُوا مالكًا". فأُتي بك تَرْتعدُ فرائصُك، فقال: "ليس بك بأسٌ يا أبا عبدِ اللَّه". وكنَّاك، وقال: "اجلسْ". فجلستَ، فقال: "افتَحْ حَجْرَك". ففتحتَ، فملأهُ مِسكًا منثُورًا، وقال: "ضُمَّه إليك وبُثَّه في أُمَّتِي". قال: فبكى مالكٌ طويلًا وقال: الرُّؤْيا تَسُرُّ ولا تَغُرُّ، وإن صدقَتْ رُؤْياك، فهو العلْمُ الذي أوْدَعني اللَّه (¬١).
وقال ابنُ بُكَير: عن ابنِ لَهِيعَةَ، قال: قَدِم علينا أبو الأسودِ -يعني يتِيمَ عُرْوَةَ- سنةَ إحدى وثلاثين ومئة، فقلتُ: مَنْ للرَّأي بعدَ ربيعةَ بالحجاز؟ فقال: الغلامُ الأصْبَحِيُّ (¬٢).
وعن ابنِ مهدِيٍّ أنَّه سُئِل: من أعْلَمُ، مالكٌ أو أبو حنيفة؟ فقال: مالكٌ أعْلَمُ من أُستاذِ أبي حنيفة. يعني حمادَ بنَ أبي سليمان (¬٣).
أخبَرني خلفُ بنُ قاسم، قال: حدَّثنا ابنُ شعبان، قال: حدَّثنا إبراهيمُ بنُ عثمانَ، قال: حدَّثنا أبو داودَ السِّجستانيُّ، قال (¬٤): سمِعتُ أحمدَ بنَ حنبلٍ يقولُ: مالكُ بنُ أنسٍ أتْبَعُ من سفيانَ.
---------------
(¬١) الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمّة ص ٣٩.
وينظر: سير السلف الصالحين لإسماعيل بن محمد الأصبهاني ص ١٠٤٧، وترتيب المدارك لعياض ٢/ ١٥٣، وأسماء شيوخ مالك لابن خلفون ص ١٠١.
(¬٢) أخرجه الجوهري في مسند الموطأ (٦٤) من طريق أبي القاسم العتبي، عن ابن بكير، به.
وأخرجه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ١/ ١١ من طريق عبيد بن حبان أو غيره -كذا عنده في الجرح- عن ابن لهيعة بنحوه، وفيه: "قدم علينا بكر بن سوادة".
(¬٣) أخرجه ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل ١/ ١١، والجوهري في مسند الموطأ (٧٣)، وأبو نعيم في الحلية ٩/ ١١ من طريق عبد الرحمن بن مهدي بنحوه.
(¬٤) سؤالات أبي داود (٤٠٣)، ومن طريقه الجوهري في مسند الموطأ (٧٠).