كتاب التاريخ الكبير للبخاري - ت الدباسي والنحال (اسم الجزء: 1)

تَسْمُو همّتُه للنَّظر في العِلم؛ سيَّما علم الحديث؛ سيَّما مَن يتصدَّى للتّصنيفِ" (¬١).
وقد اختصر البخاريُّ في "تاريخه"؛ إذ قصَدَ استيعاب الرواة، وكره أن يطول الكتاب، فيقول -رحمه اللَّه-: "فلما طعنتُ في ثماني عشرة صنَّفتُ كتاب قضايا الصَّحابة والتَّابعين، ثم صنفتُ "التَّاريخ" بالمدينةِ عند قبر النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وكنتُ كتبه في الليالي المُقْمِرَة، وقَلَّ اسمٌ في "التَّاريخ" إلا وله عندي قصة، إلا أني كرهتُ أن يطول الكتاب" (¬٢).
ويُعَدُّ "التَّاريخ الكبير" أصلًا لكل ما كُتِبَ بعده، قال أبو أحمد الحاكمُ: "ومَن تأمَّل كتاب مسلم بن الحَجاج في "الأسماء والكُنَى" عَلِمَ أنه منقول من كتاب محمد بن إسماعيل، حَذْوَ القُذَّة بالقذة" (¬٣).
وهذه شهادة من الإمام الحافظ أبي أحمد الحاكم أن كِتاب الإمام مسلم بن الحجاج، الذي سماه "الأسماء والكُنَى"، إنما هو منقول عن "التَّاريخ الكبير"، سوى مواضع معدوداتٍ زاد فيها على كتاب البخاريِّ، ولعله استدركَ بعض أسماء الرواة ممن لم يذكرهم البخاريُّ، أو زاد في تراجم بعضهم على ما كتبه البخاري.
ومما تجدر ملاحظته أن بعضًا من العلماء أَلَّفُوا كتبًا لم تكن سوى نقْلٍ لكُتب مَن تقدَّمهم، مع إضافة اليسير، أو حذفه، أو اختصاره. ولعل ما يُسَوِّغُ
_________
(¬١) "إكمال تهذيب الكمال" (٤/ ٩٥).
(¬٢) "تاريخ بغداد" (٢/ ٣٢٥).
(¬٣) "الأسامي والكنى" (٢/ ٢٧٤).

الصفحة 10