كتاب المعتصر من المختصر من مشكل الآثار (اسم الجزء: 1)

الطهر عنه فيكون قوله أو حامل فضلة لا فائدة فيه قلنا بل له فائدة وهو أن الطاهرة لا تطلق إلا أن تكون غير مجامعة في ذلك الطهر والحامل تطلق وإن جومعت في ذلك الحمل للأمن من الأعلاق بهذا الجماع حالة الحمل بخلاف ما إذا لم تكن حاملا فلما تباين حكم الطاهر الغير الحامل والتي لها حمل ذكرهما جميعا في الحديث فيكون معناه فإذا اطهرت طلقها وهي طاهر قبل أن يمسها أو حامل مسها فيه أو لم يسمها ومن الدليل على أن الحامل لا تحيض قوله صلى الله عليه وسلم: "لا توطأ حامل حتى تضع ولا حائل حتى تحيض" يعني فيعلم بالحيض أنها غير حامل فلو كانت الحامل تحيض لم يعلم بحيض الحامل أنها غير حامل ولاستوى في ذلك الحيض والطهر وما روي عن عائشة أن الحامل تحيض روي عنها خلافه بأنها لا تحيض وهو الصح من جهة النقل والأولى ما دل عليه من السنة والقياس وروى ذلك عن عطاء والحسن البصري وهو قول أبي حنيفة وصاحبيه.
في قوله: "الحقي بأهلك"
عن عائشة رضي الله عنها أن ابنة الجون لما أدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم قالت أعوذ بالله منك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد عذت بمعاذ إلحقي بأهلك" قال الأوزاعي فنرى أن هذا القول تطليقة لأنها كرهت مكانه وطلبت فراقه فأراد به صلى الله عليه وسلم الطلاق وفي حديث كعب لما أمر باعتزال امرأته قال له: أطلقها؟ قال: لا ولكن اعتزلها فقال لها: إلحقي بأهلك, ولم تصربه طالقا لأنه ما أراده وروى: أن أبا أسيد أتاه بها وأنزلها في موضع فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي حتى انتهى إليها فأقعى وأهوى ليقبلها فقالت: أعوذ بالله منك فقال لها: "لقد عذت بمعاذ" وأمرني أن أردها إلى أهلها, وفي بعض الآثار فقال: "يا أبا أسيد اسكها رازقيتين وألحقها بأهلها" وإنما جاز لأبي أسيد حملها من عند أهلها ولي أهلها وليس من محارمها لأنه صلى الله عليه وسلم

الصفحة 310