كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى - وحاشية الشمني (اسم الجزء: 1)

رَأْسَهُ وَمَا أَخَذَ أحَدٌ بِيَدِهِ فَيُرْسِلُ يَدَهُ حَتَّى يُرْسِلَهَا الآخِذُ وَلَمْ يُرَ مُقَدِّمًا رُكْبَتَيْهِ بَيْنَ يَدَيْ جَلِيسٍ لَهُ وَكَانَ يَبْدَأُ مَنْ لَقِيَهُ بِالسَّلَامِ وَيَبْدَأُ أَصْحَابَهُ بِالْمُصَافَحَةِ لَمْ يُرَ قَطُّ مَادًّا رِجْلَيْهِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ حَتَّى يُضَيِّقَ بِهِمَا عَلَى أَحَدٍ، يُكْرِمُ مِنْ يَدْخُلُ عَلَيْهِ وَرُبَّمَا بَسَطَ لَهُ ثَوْبَهُ وَيُؤْثِرُهُ بِالْوِسَادَةِ الَّتِي تَحْتَهُ وَيَعْزِمُ عَلَيْهِ فِي الْجُلُوسِ عَلَيْهَا إِنْ أَبَى ويُكَنِّي أَصْحَابَهُ وَيَدْعُوهُمْ بِأَحَبِّ أَسْمَائِهِمْ تَكْرِمَةً لَهُمْ وَلَا يَقْطَعُ عَلَى أَحَدٍ حَدِيثَهُ حَتَّى يَتَجَوَّزَ فَيَقْطَعَهُ بِنَهْيٍ أَوْ قِيَامٍ وَيُرْوَى بِانْتِهَاءٍ أَوْ قِيَامٍ وَرُوِيَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَجْلِسُ إِلَيْهِ أَحَدٌ وَهُوَ يُصَلِّي إِلَّا خَفَّفَ صَلاتَهُ وَسَأَلَهُ عَنْ حَاجَتِهِ فَإِذَا فَرَغَ عَادَ إِلَى صَلاتِهِ، وَكَانَ أَكْثَرَ النَّاسِ تَبَسُّمًا وَأَطْيَبَهمْ نَفْسًا مَا لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ قُرْآنٌ أَوْ يَعِظْ أَوْ يَخْطُبْ، وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَكْثَرَ تَبَسُّمًا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَعَنْ أَنَسٍ كَانَ خَدَمُ الْمَدِينَةِ يَأْتُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا صَلَّى الْغَدَاةَ بِآنِيَتِهِمْ فِيهَا الْمَاءُ فَمَا يؤتى بآنية إِلَّا غَمَسَ يَدَهُ فِيهَا وَرُبَّمَا كَانَ ذَلِكَ فِي الْغَدَاةِ الْبَارِدَةِ يُرِيدُونَ بِهِ التَّبَرُّكَ.
(فصل) وَأَمَّا الشَّفَقَةُ وَالرَّأَْفَةُ وَالرَّحْمَةُ لِجَمِيعِ الْخَلْقِ فَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهِ (عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم) وَقَالَ تَعَالَى (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) قَالَ بَعْضُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَعْطَاهُ اسْمَيْنِ مِنْ أَسْمَائِهِ فقال (بالمؤمنين رؤف رحيم) وَحَكَى نَحْوَهُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنُ فُورَكٍ حَدَّثَنَا

الصفحة 122