كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى - وحاشية الشمني (اسم الجزء: 1)

لَا يَقُولَنَّ أَحَدُكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشَاءَ فُلَانٌ، وَلَكنْ مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شَاءَ فُلَانٌ، قَالَ الْخَطَّابِيُّ: أَرْشَدَهُمْ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الأَدَبِ فِي تَقْدِيمِ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى مَشِيئَةِ مَنْ سِوَاهُ، وَاخْتَارَهَا بِثُمَّ الَّتِي هِيَ لِلنَّسَقِ وَالتَّرَاخِي بِخِلافِ الْوَاوِ الَّتِي هِيَ لِلاشْتِرَاكِ، وَمِثلُهُ الْحَدِيثُ الآخَرُ: أَنَّ خَطِيبًا خَطَبَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ رشد ومن يعصمها، فقال له النبي صلى الله عليه وَسَلَّمَ (بِئْسَ خَطِيبُ الْقَوْمِ أَنْتَ، قُمْ - أَوْ قَالَ - اذْهَبْ) قَالَ أَبُو سُلَيْمَانَ: كَرِهَ مِنْهُ الْجَمْعَ بَيْنَ الاسْمَيْنِ بِحَرْفِ الْكِنَايَةِ لِمَا فِيهِ منَ التَّسْوِيَةِ، وَذَهبَ غَيْرُهُ إِلَى أنَّهُ إِنَّمَا كَرِهَ لَهُ الْوُقُوفَ عَلَى يَعْصِهِمَا.
وَقَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ أَصَحُّ لِمَا رُوِيَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أنَّهُ قَالَ: وَمَنْ يَعْصِهِمَا فَقَدْ غَوَى، وَلَمْ يَذْكُرِ الوُقُوفَ عَلَى يَعْصِهِمَا، وَقَدِ اخْتَلَفَ الْمُفَسِّرُونَ وَأَصْحَابُ الْمَعَانِي فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ
__________
(قوله الخطابى) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الطاء المهملة هو حمد بفتح المهملة وسكون الميم بعدها دال مهملة ابن إبراهيم بن خطاب الإمام الحافظ البستى والخطابى نسبة إلى جده ويقال إنه من نسل زيد بن الخطاب (قوله أَنَّ خَطِيبًا خَطَبَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) هو ثابت بن قيس بن شماس (قوله وَقَوْلُ أَبِي سُلَيْمَانَ أصح) قال النووي: الصواب أن سبب النهى أن الخطب شأنها الإيضاح واجتناب الرمز وَلِهَذَا كَان رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْه وسلم إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا لتفهم لا كراهة الْجَمْعَ بَيْنَ الاسْمَيْنِ بالكتاب لأنه ورد في مواضع منها قَوْله عَلَيْه السَّلَام أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سواهما.
(*)

الصفحة 21