كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى - وحاشية الشمني (اسم الجزء: 1)
يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ) هَلْ يُصَلُّونَ رَاجِعَةٌ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَالمَلَائِكَةِ أَمْ لَا؟ فَأَجَازَهُ بَعْضُهُمْ، وَمَنَعَهُ آخَرُونَ لِعِلَّةِ التَّشْرِيكِ وَخَصُّوا الضَّمِيرَ بَالمَلَائِكَةِ وَقَدَّرُوا الآيَةَ: إِنَّ اللَّهَ يُصَلِّي ومَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ، وَقَدْ رُوِيَ عَنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أنَّهُ قَالَ: مِنْ فَضِيلَتِكَ عِنْدَ اللَّهِ أَنْ جَعَلَ طَاعَتَكَ طَاعَتَهُ فَقَدْ قَالَ تَعَالَى) مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ) وقد قال تَعَالَى (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يحببكم الله) الآيَتَيْنِ، وَرُوِيَ أنَّهُ لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ قَالُوا إنَّ مُحَمَّدًا يُرِيدُ أنْ نتخذه حنابا كما اتخذت النصارى عِيسَى، فَأنْزَل اللَّهُ تعالى (قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ والرسول) فَقَرَنَ طَاعَتَهُ بِطَاعَتِهِ رَغْمًا لَهُمْ، وَقَدِ اخْتَلَفَ المُفَسِّرُونَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى فِي أُمِّ الكِتَابِ (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ، صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عليهم) قفال أَبُو الْعَالِيَةِ وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: الصِّرَاطُ المُسْتَقِيمُ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخِيَارُ أهْلِ بَيْتِهِ وَأصْحَابِهِ، حَكَاهُ عَنْهُمَا أَبُو الْحَسَنِ الْمَاوَرْدِيُّ، وَحَكَى مَكِّيٌّ عَنْهُمَا نَحْوَهُ وَقَالَ هُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَاحِبَاهُ أبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، وَحَكَى أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ مِثْلَهُ عَنْ أبِي الْعَالِيَةِ فِي قَوْلِهِ تعالى
__________
(قوله حنانا) في الصحاح: الحنان الرحمة: وقال ابن الأثير: الحنان العطف ومنه قول ورقة ابن نوفل حين كان يمر ببلال وهو يعذب لئن قتلتموه لأتخذنه حنانا (قوله رغما) بفتح الراء وسكون الغين المعجمة أي غيظا (قوله فَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ) هما اثنان تابعيان من أهل البصرة أحدهما الرياحي بكسر الراء والآخر البراء بفتح الموحدة وتشديد الراء.
(*)
الصفحة 22
376