كتاب المنثور في القواعد الفقهية (اسم الجزء: 1)

أَيْضًا مَعْصِيَةٌ وَجِنَايَةٌ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى، نَهَى عَنْ ظُلْمِهِمْ، فَيَجِبُ فِيهَا الشُّرُوطُ السَّابِقَةُ، وَيَزِيدُ رَدُّ الظُّلَامَةِ.
ثُمَّ لَا يَخْلُو، إمَّا أَنْ تَكُونَ فِي النُّفُوسِ، أَوْ الْأَمْوَالِ أَوْ الْأَعْرَاضِ أَوْ الْقُلُوبِ، وَهُوَ الْإِيذَاءُ الْمَحْضُ:
فَفِي النُّفُوسِ، يَجِبُ أَنْ يَأْتِيَ الْمُسْتَحِقُّ وَيَقُولَ: إنْ شِئْت أَنْ تَسْتَوْفِيَ الْعُقُوبَةَ وَإِنْ شِئْت فَاعْفُ. قَالَ الْعَبَّادِيُّ: فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ اُعْفُ عَنِّي، لَا يَكُونُ تَمْكِينًا، وَلَا يَجُوزُ لَهُ الْإِخْفَاءُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ زَنَى، أَوْ بَاشَرَ مَا يَجِبُ فِيهِ حَدٌّ لِلَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي التَّوْبَةِ أَنْ يَفْضَحَ نَفْسَهُ، بَلْ عَلَيْهِ السِّتْرُ بِسِتْرِ اللَّهِ وَيُقِيمَ حَدَّ اللَّهِ (تَعَالَى) عَلَى نَفْسِهِ، بِأَنْوَاعِ الْمُجَاهَدَةِ وَالتَّعْذِيبِ.
وَفِي الْأَعْرَاضِ، يَأْتِي مَنْ اغْتَابَهُ وَيُخْبِرُهُ بِمَا قَالَ فِيهِ حَتَّى يَعْفُوَ عَنْهُ، وَلَا يَكْفِي (الْإِبْهَامُ عَلَى الْأَصَحِّ) ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ لِيَصِحَّ الْإِبْرَاءُ عَنْهُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي " الْإِحْيَاءِ " قَالَ: اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَوْ ذَكَرَ، أَوْ عَرَّفَهُ لَتَأَذَّى بِمَعْرِفَتِهِ كَزِنَاهُ بِجَارِيَتِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ نَسَبِهِ بِاللِّسَانِ إلَى عَيْبٍ مِنْ خَفَايَا عُيُوبِهِ، يَعْظُمُ أَذَاهُ بِذِكْرِهِ، فَقَدْ انْسَدَّ عَلَيْهِ طَرِيقُ الِاسْتِحْلَالِ فَلَيْسَ لَهُ، إلَّا أَنْ يَسْتَحِلَّ مِنْهُمَا

الصفحة 424