كتاب الفروق للكرابيسي (اسم الجزء: 1)

وَأَمَّا فِي النِّكَاحِ فَالْبُضْعُ فِي دُخُولِهِ فِي الْمِلْكِ مُتَقَوِّمٌ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْأَبَ إنْ زَوَّجَ ابْنَهُ الصَّغِيرَ امْرَأَةً بِمَهْرِ مِثْلِهَا يَجُوزُ عَلَيْهِ. فَقَدْ وَجَبَ الْمَالُ عَلَى الْعَبْدِ بِبَدَلٍ مُتَقَوِّمٍ دَخَلَ فِي حَقِّهِ، فَصَارَ وُجُوبُ الْحَقِّ بِبَدَلٍ مَعْلُومٍ مُتَقَوِّمٍ، فَجَازَ أَنْ يَضْرِبُوا بِهِ، كَمَا لَوْ بَاعَ مِنْ الْعَبْدِ شَيْئًا.
فَإِنْ قِيلَ: الْمَرِيضُ لَوْ صَالَحَ مِنْ دَمِ نَفْسِهِ عَلَى مَالٍ لَا يُحْسَبُ مِنْ ثُلُثِهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ دَمَ الْعَمْدِ مَالٌ مِنْ وَجْهٍ، كَمَا أَنَّ الْبُضْعَ مَالٌ مِنْ وَجْهٍ.
وَالصَّوَابُ أَنْ يُغَيِّرَ الْعِبَارَةَ، فَيُقَالُ فِي دَمِ الْعَمْدِ: لَمَّا صَالَحَ الْمَوْلَى عَلَى رَقَبَتِهِ صَارَ الْقَتْلُ مُوجِبًا مَالًا، فَصَارَ كَمَا لَوْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً فَدُفِعَ بِهِ، وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ مَنَعَهُ الدَّيْنَ، وَيَكُونُ الْغَرِيمُ أَوْلَى بِهِ، كَذَلِكَ هَذَا، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْحَقُّ وَاجِبًا عَلَى الْعَبْدِ فِي الْحُكْمِ، بِخِلَافِ النِّكَاحِ لِمَا بَيَّنَّا.
139 - وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ مُكَاتَبَةً عَلَى جَارِيَةٍ، وَدَفَعَهَا إلَيْهَا ثُمَّ طَلَّقَ الْمُكَاتَبَةَ ثُمَّ تَزَوَّجَ تِلْكَ الْجَارِيَةَ قَبْلَ الرَّدِّ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ.
وَلَوْ تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ ثُمَّ طَلَّقَ الْمُكَاتَبَةَ، لَمْ يَفْسُدْ نِكَاحُ الْجَارِيَةِ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يُوجِبُ فَسْخَ الْعَقْدِ، وَيَعُودُ نِصْفُ الْمَهْرِ إلَى الزَّوْجِ، وَإِنَّمَا يُوجِبُ فَسَادَ مِلْكِهَا فِي نِصْفِهِ، وَثَبَتَ لَهُ حَقُّ الِارْتِجَاعِ، فَإِذَا تَزَوَّجَهَا قَبْلَ الطَّلَاقِ، فَقَدْ صَحَّ الْعَقْدُ، وَبِالطَّلَاقِ طَرَأَ لَهُ حَقُّ مِلْكٍ عَلَى امْرَأَتِهِ، وَحَقُّ الْمِلْكِ إذَا طَرَأَ عَلَى الْعَقْدِ لَا يَرْفَعُهُ، كَالْعِدَّةِ إذَا قَارَنَتْ ابْتِدَاءَ الْعَقْدِ يَمْنَعُ

الصفحة 141