كتاب الفروق للكرابيسي (اسم الجزء: 1)

فَأَجَازَ مَوْلَاهَا، أَوْ تَزَوَّجَ عَلَى رَقَبَتِهَا بِإِذْنِ مَوْلَاهَا جَازَ، وَصَارَتْ الْأَمَةُ مَهْرَ الْحُرَّةِ، وَلَا يَفْسُدُ نِكَاحُ الْأَمَةِ.
وَلَوْ تَزَوَّجَ أَمَةَ غَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ لِمَوْلَاهَا: أَعْتِقْهَا عَنِّي عَلَى أَلْفٍ، فَفَعَلَ فَسَدَ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا.
وَالْفَرْقُ أَنَّهُ قَارَنَ الْعَقْدَ مَا يَمْنَعُ دُخُولَ الْأَمَةِ فِي مِلْكِهِ، وَهُوَ اسْتِحْقَاقُ الْمَرْأَةِ الْمِلْكَ عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ أَوْجَبَهُ لِلْمَرْأَةِ، فَلَمْ يَمْلِكْهُ كَالْوَكِيلِ بِالشِّرَاءِ إذَا اشْتَرَى أَمَةً وَهِيَ زَوْجَةٌ لِلْوَكِيلِ، فَإِنَّهُ لَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ، لِأَنَّهُ قَارَنَ الْعَقْدَ مَا يَمْنَعُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ، كَذَا هَذَا.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُقَارِنْ الْعِتْقَ مَا يَمْنَعُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ، بَلْ قَارَنَ مَا يُوجِبُ دُخُولَهُ فِي مِلْكِهِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ عَنْهُ لَا يَكُونُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَكُونَ الْمِلْكُ لَهُ، فَصَارَ كَمَا لَوْ قَالَ: مَلِّكْنِيهَا وَأَعْتِقْهَا عَنِّي.
فَإِنْ قِيلَ: يَسْتَحِيلُ أَنْ يَكُونَ مَهْرًا لِلْمَرْأَةِ، وَلَا يَكُونُ مِلْكًا لِلزَّوْجِ.
قُلْنَا: يَجُوزُ أَلَّا يَكُونَ مِلْكًا لَهُ وَيَكُونُ مَهْرًا، كَمَا رُوِيَ أَنَّ النَّجَاشِيَّ زَوَّجَ أُمَّ حَبِيبَةَ مِنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، وَأَمْهَرَهَا عَنْهُ أَرْبَعَمِائَةِ دِينَارٍ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا تَزَوَّجَهَا عَلَى رَقَبَةِ الْأَمَةِ فَقَدْ عَقَدَ عَلَيْهَا عَقْدَ الْقَضَاءِ، لِأَنَّهُ أَوْجَبَ قَضَاءَ مَا يَلْزَمُهُ مِنْ الْمَهْرِ مِنْ رَقَبَتِهَا، فَإِذَا أَجَازَ الْمَوْلَى فَقَدْ أَجَازَ الْقَضَاءَ، وَالْقَضَاءُ يَصِحُّ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِلْكًا لِلْمُقْضَى عَنْهُ، كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ إنْسَانٌ بِقَضَاءِ دَيْنِ آخَرَ أَوْ مَهْرٍ عَلَيْهِ.

الصفحة 149