كتاب الفروق للكرابيسي (اسم الجزء: 1)

يَجُزْ.
377 - إذَا وَادَعَ الْإِمَامُ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ ثُمَّ إنَّ قَوْمًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ غَدَرُوا بِأَهْلِ الْمُوَادَعَةِ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ لَمْ يَسَعْ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَشْتَرُوا مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، وَلَوْ اشْتَرَوْا رُدَّ الْبَيْعُ.
وَلَوْ أَنَّ مُسْلِمًا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ بِأَمَانٍ ثُمَّ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ وَأَدْخَلَهُ دَارَ الْإِسْلَامِ فَاشْتَرَاهُ إنْسَانٌ مِنْهُ لَمْ يُرَدَّ الْبَيْعُ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْإِمَامَ لَمَّا وَادَعَهُمْ صَارُوا ذِمَّةً لَنَا، فَوَجَبَ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ الذَّبُّ عَنْهُمْ، فَإِذَا أَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ لَمْ يَمْلِكُوهَا؛ لِأَنَّهُمْ صَارُوا مُنَاقِضِينَ عَهْدَهُمْ كَمَا لَوْ أَخَذُوا سَائِرَ أَمْوَالِ أَهْلِ الذِّمَّةِ.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمُسْلِمُ إذَا دَخَلَ بِأَمَانٍ إلَى دَارِ الْحَرْبِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَصِيرُوا ذِمَّةً بِدُخُولِهِ، بِدَلِيلِ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَوْ أَخَذَ أَمْوَالَهُمْ مَلَكَهُ وَلَمْ يَلْتَزِمْ نُصْرَتَهُمْ، فَبَقِيَ مَالُهُمْ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ فَقَدْ أَخَذَ مَالَ حَرْبِيٍّ بَاقٍ عَلَى أَصْلِ الْإِبَاحَةِ، فَمَلَكَهُ فَإِذَا اشْتَرَاهُ إنْسَانٌ جَازَ، إلَّا أَنَّهُ يُكْرَهُ الشِّرَاءُ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ بِسَبَبٍ مَحْظُورٍ؛ إذْ هُوَ أَخَذَ مَالَهُمْ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ، وَقَدْ الْتَزَمَ أَنْ لَا يَأْخُذَ مَالَهُمْ إلَّا بِرِضَاهُمْ، فَكُرِهَ الشِّرَاءُ مِنْهُ.

الصفحة 327