كتاب الفروق للكرابيسي (اسم الجزء: 1)

وَلَيْسَ كَذَلِكَ الشَّفِيعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ فِيمَا فِي يَدِهِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْبَائِعَ لَوْ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ وَأَكْرَهَ الْمُشْتَرِيَ، وَلَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ ثَبَتَ لَهُ حَقُّ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ، وَإِذَا لَمْ يَخْتَصَّ حَقَّهُ بِيَدِهِ وَمِلْكِهِ فَزَوَالُ يَدِهِ وَمِلْكِهِ لَا يُوجِبُ سُقُوطَ حَقِّهِ، فَبَقِيَ حَقُّهُ فِيهِ، فَكَانَ لَهُ الْأَخْذُ مِنْ يَدِ الْأَوَّلِ، وَيَنْقُضُ الْعَقْدَ الثَّانِيَ.
379 - لَوْ اشْتَرَى رَجُلٌ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى أَسَرَهُ الْعَدُوُّ، وَاشْتَرَاهُ رَجُلٌ مِنْهُمْ بِخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ، فَأَخَذَهُ الْبَائِعُ بِخَمْسِمِائَةٍ؛ فَلِلْمُشْتَرِي أَخْذُهُ مِنْ الْبَائِعِ بِالثَّمَنَيْنِ جَمِيعًا.
وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بَاعَ عَبْدًا فَجَنَى الْعَبْدُ جِنَايَةً قَبْلَ التَّسْلِيمِ، فَفَدَاهُ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ لَا يَأْخُذُ مَا فَدَاهُ بِهِ وَلَكِنَّهُ يَأْخُذُ مِنْهُ الثَّمَنَ فَقَطْ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ فِي بَابِ الْجِنَايَةِ قَدْ أُسْقِطَ خِيَارُ الْمُشْتَرِي بِالْفِدَاءِ، فَقَدْ قَضَى بِهِ حَقًّا عَنْ نَفْسِهِ أَوْ مَضْمُونًا عَنْ نَفْسِهِ فَجَازَ أَنْ لَا يَرْجِعَ عَلَى غَيْرِهِ. الدَّلِيلُ عَلَيْهِ لَوْ قَطَعَ رَجُلٌ أُصْبُعَ رَجُلٍ ثُمَّ قَطَعَ يَدَ آخَرَ ثُمَّ جَاءَ الْمَقْطُوعَةُ يَدُهُ وَقَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى قَاطِعِ الْأُصْبُعِ أَرْشُ الْأُصْبُعِ؛ لِأَنَّهُ قَضَى بِهِ مَضْمُونًا عَنْ نَفْسِهِ، كَذَا هَذَا.
وَأَمَّا فِي مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ مِنْ الْعَدُوِّ لَمْ يَسْقُطْ خِيَارُ الْمُشْتَرِي، بِدَلِيلِ أَنَّ خِيَارَهُ يَبْقَى بَعْدَهُ فَلَمْ يَقْضِ بِهِ مَضْمُونًا عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنَّمَا أَحْيَا مِلْكَهُ وَلَا يَصِلُ إلَى إحْيَاءِ مِلْكِ نَفْسِهِ إلَّا بِأَدَائِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ وَلَا مِنْ الْعَبْدِ جِنَايَةٌ، فَصَارَ كَأَنَّهُ

الصفحة 329