كتاب الفروق للكرابيسي (اسم الجزء: 1)

فَإِنْ قُتِلَتْ يَجِبُ أَنْ يُقَالَ: يَجُوزُ، كَمَا حَكَاهُ فِي الْحَرْبِيَّةِ، وَإِلَّا فَيُحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ أَجِدْ عَنْ مَشَايِخِنَا فَرْقًا بَيْنَهُمَا.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَمَّا قَاتَلَتْ صَارَتْ مِنْ أَهْلِ الْقِتَالِ، وَهِيَ مُكَلَّفَةٌ عَاقِلَةٌ، فَكَانَ قَتْلُهَا عُقُوبَةً لَهَا عَلَى فِعْلِهَا، فَجَازَ أَنْ تُقْتَلَ.
وَأَمَّا الصَّبِيُّ وَالْمَعْتُوهُ فَهُمَا غَيْرُ مُكَلَّفَيْنِ، وَقَتْلُهُمَا كَانَ مُبَاحًا لِأَجْلِ الْقِتَالِ، فَإِذَا أُخِذَا زَالَ الْقِتَالُ، فَلَوْ قُلْنَا: قَتَلْنَاهُمَا عُقُوبَةً وَهُمَا لَا يَسْتَحِقَّانِ الْعُقُوبَةَ فَلَا يُقْتَلَانِ، إلَّا أَنْ يَغْلِبَ فِي ظَنِّ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ لَوْ تَرَكُوهُمَا لَعَادَا إلَى الْقِتَالِ، فَحِينَئِذٍ يُخَافُ مِنْ تَرْكِهِمَا الضَّرَرُ، فَجَازَ قَتْلُهُمَا كَالْعُقَلَاءِ الْبَالِغِينَ.
381 - إذَا قَالَ الْإِمَامُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ، فَبَدَأَ وَاحِدٌ فَضَرَبَهُ ثُمَّ أَجْهَزَ عَلَيْهِ الْآخَرُ، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ صَيَّرَهُ بِحَيْثُ إنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُقَاتِلَ، وَلَا أَنَّهُ يُعِينُ فَالسَّلَبُ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ بِخِلَافِهِ فَالسَّلَبُ لِلثَّانِي.
وَالْفَرْقُ أَنَّهُ لَمَّا صَيَّرَهُ بِحَالٍ لَا يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ وَلَا أَنْ يُقَاتِلَ فَقَدْ حَصَلَ مَقْصُودُهُ، وَهُوَ إخْرَاجُهُ مِنْ كَوْنِهِ حَرْبًا لِلْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يُقَاتِلَ، وَلَا أَنْ يُعِينَ، فَلَمْ يَكُنْ الثَّانِي قَاتِلًا وَلَا مُخْرِجًا لَهُ إلَى حُكْمِ الْقِتَالِ، فَلَمْ يَسْتَحِقَّ سَلَبَهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ: لَوْ رَمَى إلَى صَيْدٍ فَأَثْخَنَهُ حَتَّى لَا يَسْتَطِيعَ بَرَاحًا، ثُمَّ رَمَاهُ الثَّانِي فَهُوَ لِلْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ بِحَالٍ لَا يُمْكِنُهُ أَخْذُهُ إلَّا بِصَيْدٍ؛ فَهُوَ لِلثَّانِي لِهَذَا الْمَعْنَى، كَذَلِكَ هَذَا.

الصفحة 331