كتاب الفروق للكرابيسي (اسم الجزء: 1)

إذَا افْتَتَحَ الْإِمَامُ بَلْدَةً فَأَسْلَمَ أَهْلُهَا قَبْلَ الْقَسْمِ؛ فَلَهُ أَنْ يَسْتَرِقَّهُمْ، وَإِنْ شَاءَ رَدَّهُمْ عَلَى أَمْلَاكِهِمْ، وَوَضَعَ عَلَى أَرْضِهِمْ الْخَرَاجَ وَهُمْ أَحْرَارٌ.
وَلَوْ أَسْلَمُوا قَبْلَ الْقَهْرِ وَفَتْحِ الْبَلْدَةِ لَمْ يَسْتَرِقَّهُمْ.
وَالْفَرْقُ: أَنَّ حَقَّ الْغَانِمِينَ تَعَلَّقَ بِرِقَابِهِمْ وَأَرْضِيهِمْ عِنْدَ الْقَهْرِ، فَإِذَا أُسْقِطَ حَقُّهُمْ عَنْ رِقَابِهِمْ بِالْإِسْلَامِ؛ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ أَخَذَ مَالَهُمْ، ثُمَّ أَسْلَمُوا لَا يُرَدُّ عَلَيْهِمْ كَذَا هَذَا. وَإِذَا تَعَيَّنَ حَقُّهُمْ فَإِذَا اسْتَرَقَّهُمْ اسْتَنَدَ الِاسْتِرْقَاقُ إلَى السَّبَبِ السَّابِقِ، فَكَأَنَّهُ اسْتَرَقَّهُمْ فِي حَالِ الْكُفْرِ، وَإِنْ كَانَ فِي الْحَالِ مُسْلِمًا، كَمَا قُلْنَا لَوْ أَسْلَمَ الْأَبُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَابْنُهُ جَنِينٌ فِي الْبَطْنِ فَاسْتُرِقَّتْ الْأُمُّ، فَالْجَنِينُ مُسْلِمٌ وَهُوَ رَقِيقٌ؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الِاسْتِرْقَاقِ يَثْبُتُ قَبْلَ ثُبُوتِ حُكْمِ الْإِسْلَامِ، وَابْتِدَاءُ اسْتِرْقَاقِ الْمُسْلِمِ لَا يَجُوزُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُسْتَنِدًا إلَى سَبَبٍ قَبْلَهُ.
فَإِنْ قِيلَ: لَوْ ثَبَتَ حَقُّهُمْ بِالْقَهْرِ لَوَجَبَ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَقْهَرَهُمْ عَلَى أَرْضِيهِمْ وَيَكُونُونَ أَحْرَارًا.
قُلْنَا إنَّمَا جَوَّزْنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ خِيَارَ الْإِمَامِ كَانَ ثَابِتًا بَيْنَ أَنْ يُقِرَّهُمْ أَحْرَارًا عَلَى أَرْضِهِمْ؛ لِأَنَّ أَهْلَ الْأَرْضِينَ قَدْ يَكُونُونَ أَعْلَمَ بِعِمَارَتِهَا، وَلَوْ قُسِّمَتْ بَيْنَ

الصفحة 332