كتاب الفروق للكرابيسي (اسم الجزء: 1)

كَذَلِكَ هَذَا، فَإِذَا أَجَازَ فَقَدْ تَمَّ الْعَقْدُ بِإِجَازَتِهِ، فَصَارَ كَتَوْلِيَتِهِ بِنَفْسِهِ، وَلَوْ عَقَدَ بِنَفْسِهِ سُلِّمَتْ الْأُجْرَةُ لَهُ، كَذَلِكَ هَذَا، وَمَا مَضَى فِي حَالِ الرِّقِّ إنَّمَا تَمَّ الْعَقْدُ بِإِجَازَةِ الْمَوْلَى، وَالْأُجْرَةُ وَجَبَتْ فِي الْحَالِ، وَهُوَ رَقِيقٌ، فَسُلِّمَتْ لَهُ.
وَأَمَّا إذَا قَبَضَ الْأُجْرَةَ فِي أَوَّلِ السَّنَةِ، فَقَدْ مَلَكَ الْأُجْرَةَ بِالتَّعْجِيلِ فِي حَالِ الرِّقِّ، وَلَا يَزُولُ مِلْكُهُ بِعِتْقِ عَبْدِهِ، كَمَا لَوْ زَوَّجَ أَمَتَهُ ثُمَّ أَعْتَقَهَا، فَالْمَهْرُ لِلسَّيِّدِ سَوَاءٌ قَبَضَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْ لِهَذَا الْمَعْنَى أَنَّ الْمَهْرَ يَجِبُ بِنَفْسِ الْعَقْدِ، وَوُجِدَ الْعَقْدُ فِي حَالِ الرِّقِّ، فَسُلِّمَ لَهُ الْمَهْرُ، كَذَلِكَ هَذَا.
415 - وَلَوْ أَجَّرَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى، وَقَبَضَ الْأُجْرَةَ أَوْ لَمْ يَقْبِضْهَا حَتَّى عَتَقَ فَأُجْرَةُ مَا مَضَى فِي حَالِ الرِّقِّ لِلْمَوْلَى، وَمَا بَقِيَ فِي حَالِ الْعِتْقِ لِلْعَبْدِ.
وَلَوْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى، أَوْ تَوَلَّى بِنَفْسِهِ فَالْأُجْرَةُ الْمَقْبُوضَةُ لِلْمَوْلَى خَاصَّةً.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الْعَبْدَ إذَا أَجَّرَ نَفْسَهُ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ، فَلَا تُمْلَكُ الْأُجْرَةُ فِيهِ إلَّا بِتَمَامِ الْعَمَلِ، وَلَا تُمْلَكُ بِالْقَبْضِ، فَاسْتَوَى وُجُودُ الْقَبْضِ وَعَدَمُهُ، وَلَوْ لَمْ يَقْبِضْ لَكَانَ أَجْرُ مَا مَضَى لِلْمَوْلَى، وَمَا بَقِيَ لِلْعَبْدِ، كَذَلِكَ هَذَا.
وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا كَانَ الْعَقْدُ بِإِذْنِ الْمَوْلَى أَوْ أَجَّرَهُ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ هُنَاكَ صَحِيحٌ، فَإِذَا عُجِّلَتْ الْأُجْرَةُ مَلَكَهَا الْمَوْلَى بِالتَّعْجِيلِ فِي حَالِ رِقِّهِ فَكَانَ لَهُ كَمَا قُلْنَا فِي مَهْرِ الْجَارِيَةِ.

الصفحة 360