كتاب الفروق للكرابيسي (اسم الجزء: 1)

وَلَيْسَ كَذَلِكَ إذَا كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ فَنَوَى بِهَا الْخِدْمَةَ لِأَنَّهُ نَوَى الْخِدْمَةَ وَفَعَلَهَا، فَيَبْطُلُ حُكْمُ مَا نَوَى قَبْلَهُ، وَصَارَتْ لِلْخِدْمَةِ، كَمَا لَوْ نَوَى الْإِقَامَةَ يَبْطُلُ حُكْمُ السَّفَرِ، وَيَصِيرُ مُقِيمًا، كَذَلِكَ هَذَا. وَالْمَعْنَى فِيهِ أَنَّ السَّفَرَ وَالتِّجَارَةَ عَمَلٌ، فَمَا لَمْ يُوجَدْ الْعَمَلُ لَا يُحْكَمُ بِهِ. وَالْإِقَامَةُ وَالْمِهْنَةُ تَرْكُ الْعَمَلِ وَالتَّرْكُ يَحْصُلُ مَعَ النِّيَّةِ مِنْ غَيْرِ عَمَلٍ، فَكَذَلِكَ افْتَرَقَا.
49 - إذَا وَهَبَ الْإِنْسَانُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ رَجَعَ فِيهَا بَعْدَ مَا حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ، سَقَطَتْ الزَّكَاةُ عَنْ الْمَوْهُوبِ لَهُ. وَلَوْ بَاعَ شَيْئًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَقَبَضَ الثَّمَنَ، ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْمَبِيعَ، فَارْتَجَعَ الْأَلْفَ مِنْهُ وَقَدْ كَانَ حَالَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ فِي يَدَيْهِ لَمْ تَسْقُطْ الزَّكَاةُ عَنْهُ.
وَالْفَرْقُ أَنَّ الدَّرَاهِمَ فِي الْهِبَةِ تَتَعَيَّنُ عِنْدَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ صِحَّتَهَا بِالْقَبْضِ، وَالْقَبْضُ يُصَادِفُ عَيْنَهَا فَتَعَيَّنَتْ عِنْدَ الْعَقْدِ فَتَعَيَّنَتْ عِنْدَ الرَّدِّ، وَقَدْ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِ عَيْنَهَا مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ، فَصَارَ كَمَا لَوْ هَلَكَتْ بَعْدَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ سَقَطَتْ عَنْهُ الزَّكَاةُ، كَذَلِكَ هَذَا.

الصفحة 74