كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
118…لأنفسهم مقاما أعلى مما وصولوا إليه، فأدبوا في ذلك، .. ولو كانوا منافقين لعنفوا وفضحوا، وانما قيل لهؤلاء تأديباً: (قل لما تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا، ولما يدخل الايمان في قلوبكم) أي: لم تصلوا إلى حقيقة الايمان بعد.
وبذلك تسقط فلسفة أكرم العمري التي تقول: ((ويتميز الصنفان في أهل يثرب فقط، بظهور النفاق فيهم بعد غزوة بدر الكبرى ... [ص 929].
ذلك أن أهل يثرب الذين دخلوا الاسلام طائعين مختارين، لم يكن بينهم منافق قبل غزوة بدر، وانما ظهر النفاق بعد ظهور قوة المسلمين .. وبذلك تعرف أن قول الكتاب ((بين المؤمنين والمسلمين)) لا معنى له في بدء الهجرة، ثم ان المنافق لا يعد مسلماً، وليس مشمولا بالخطاب، لأن المنافق لا يلتزم بما يلتزم به المسلمون، والمنافق ليس مسلماً، لأنه لم يخضع لقوانين الإسلام، ولم يؤمن بها، أما المسلم الذي أخبر عنه الله تعالى في سورة الحجرات، فهو معترف بالنبوة ولكن لم يصل في قوة العقيدة والتطبيق والفهم إلى درجة المؤمن.
8 - ومن أسوأ ما قرأت من تفسيرات هذه الوثيقة التي لم تصح سنداً، وان صح بعضها متناً، ما قاله أكرم العمري في كتابه ((المجتمع المدني)) ص 127: إن الوثيقة حددت العلاقة مع المتهودين من الأوس والخزرج، بإضافتهم إلى عشائرهم العربية، حيث جاء في نص الكتاب: ((وإن يهود بني عوف أمة مع المؤمنين. وان ليهود بني النجار مثل ما ليهود بني عوف، وان ليهود بني الحارث .. الخ .. وقد فهم أن هذه الاضافة تعني أن في كل قبيلة جمعاً من اليهود من سلالة القبيلة نفسها. وهذا فهم قاصر، يخالف ما عرفنا من التاريخ والوقائع التاريخية .. فالإضافة هنا اضافة حلف فقوله: يهود بني عوف .. أي: اليهود المتحالفين مع بني عوف .. الخ حيث كان لكل قبيلة من الأوس والخزرج حلف مع جماعة من اليهود ... …