كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

121…بالمشركين على المشركين، قال: فأسلمنا، وشهدنا معه. قال ابن قدامة: لأنه غير مأمون على المسلمين، فأشبه المخذل والمرجف. قال ابن المنذر: والذي ذكر أنه استعان بهم ـ أي المشركين ـ غير ثابت. [المغني 414/ 8].
وروى الإمام سحنون، وابن القيم، عن طريق الزهري قال: إن الأنصار قالت يوم أُحد، ألا نستعين بحلفائنا من يهود؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لا حاجة لنا فيهم. [زاد المعاد 92/ 2]، و [المدونة 40/ 3].
والسبب في منع الاستعانة بالمشركين على المشركين، لأن الحرب في الإسلام، لا يكون إلا من أجل حماية العقيدة، ونشرها، ولحماية الأرض الإسلامية من الأعداء، لتبقى كلمة الله هي العليا فيها .. وكيف تأمن لمن لا يؤمن بالإسلام أن يدافع عن الإسلام؟ ثم إن غاية المسلم من الجهاد، الاستشهاد لدخول الجنة وغاية المشرك من الحرب، إن ساند المسلمين، الحصول على متاع الحياة الدنيا والدافعان إلى الحرب لا يتفقان .. فالمشرك الطالب للدنيا يهرب من المعركة إن أحس بالموت يقرب منه، والمسلم يقدم على المعركة طالباً الشهادة .. وهل تأمن لمشرك أن تضعه في مكان المعركة لحمايته وأنت تعرف سرعة فراره؟ ‍!.
ثالثاً: وأما ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، استعان بالمشركين، فكان ذلك قبل فرض الجهاد على المسلمين، وكانت الاستعانة بأفراد في أمور لا تتعلق بالحرب .. ومن ذلك ما ورد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، طلب جوار المطعم بن عدي، بعد رجوعه عن الطائف ـ قبل الهجرة ـ ومنعه قومه من دخول مكة .. وكان المسلمون آنذاك في حال ضعف.
ومن ذلك أن رسول الله استعان بعبد الله بن أُريقط، وهومشرك، ليكون دليلاً في طريق الهجرة .. وكانت الحاجة تدعو إلى ذلك.
وروا أن صفوان بن أمية حضر غزوة حنين وهو مشرك، وكان قد هرب عند الفتح، ثم أُعطي الأمان فعاد .. وجاء في ترجمته أن رسول الله استعار منه…

الصفحة 121