كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

128…هذا، وقد حمل المؤرخون كلمة ((الغزو)) معاني لم تكن تحملها، واطلقوها على الهجمات التي قام بها المفسدون في الأرض، فقالوا: الغزو المغولي والتتاري، والغزو الصليبي .. وهذه حروب ليس لها هدف إلا الإفساد، وقد سمى الله امثالها حرباً فقال (إنما جزاء من يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً) .. الآية.
وللتفريق بين ما حضره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما لم يحضره، أطلقوا على ما خرج فيه النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه اسم ((غزوة))، وما خرج فيه أحد قادته اسم ((سرية)) أو ((بعث)).
والسرية قيل: هي فعيلة بمعنى فاعلة، سميت سرية، لأنها تسري ليلاً في خفية.
وقيل: سميت بذلك لأن رجالها خلاصة العسكر وخيارهم، من الشيء السري النفيس.
والبعث: هنا، بعث الجند إلى الغزو.
والبعث: يكون بعثاً للقوم يبعثون إلى وجه من الوجوه، مثل السفر، والركب.
وقولهم: كنت في بعث فلان، أي في جيشه الذي بعث معه.
والبعوث: الجيوش.
والظاهر ان اسم السرية، يشمل كل من بعثه رسول الله في مهمة حربية قلة كان أم كثرة.
فقد سموا سرية عبد الله بن عتيك إلى أبي رافع (بخيبر) سرية، وكان مع عبد الله بن عتيك ثلاثة هو رابعهم.
وقالوا عن الصحابة الذين بعثهم رسول الله لقتل كعب بن الأشرف سرية، وكان عددهم أربعة.
* * *…

الصفحة 128