كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

131…
- 3 - مقدمات القتال وأسبابه
لم تشف قلوب المشركين لهجرة المسلمين إلى المدينة، بل زادهم غيظاً أن فاتهم المسلمون ووجدوا مأمناً ومقراً بالمدينة، فكتبوا إلى عبد الله بن أبي ابن سلول ـ بصفته رئيس الأوس والخزرج قبل الهجرة ـ: ((إنكم آويتم صاحبنا، وإنا نقسم بالله، لتقاتلنه، أو لتخرجنه، أو لنسيرن إليكم بأجمعنا، حتى نقتل مقاتلتكم ونستبيح نساءكم)). [أبو داود، باب خبر النضير].
فلما بلغ ذلك عبد الله بن أبي ومن كان معه من عبدة الأوثان، اجتمعوا لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما بلغ ذلك النبي، لقيهم فقال: لقد بلغ وعيد قريش منكم المبالغ، ما كانت تكيدكم بأكثر مما تريدون أن تكيدوا به أنفسكم، تريدون أن تقاتلوا ابناءكم واخوانكم، فلما سمعوا ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم، تفرقوا.
ثم إن قريشاً أرسلت إلى المسلمين تقول لهم: لا يغرنكم أنكم افلتم منا إلى يثرب سنأتيكم فنستأصلكم ونبيد خضراءكم في عقر داركم. [الرحيق المختوم 216].
ولم يكن هذا كله وعيداً مجرداً من التربص بالشر، فقد تأكد ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك لم يكن يبيت في أول الهجرة إلا ساهراً أو في حرس من الصحابة، لما روى مسلم في صحيحه عن عائشة قالت: ((سهر رسول الله مقدمه المدينة ليلة، فقال: ليت رجلاً صالحاً من أصحابي يحرسني الليلة، قالت:…

الصفحة 131