كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

143…
وإليك الدروس المستفادة من الغزوات والسرايا؛ مما يتصل بتاريخ المدينة.
1 - بدأت المناوشات بين المسلمين والمشركين بثلاث سرايا خرجت من المدينة يقودها ثلاثة من المهاجرين، وجل رجالتها من المهاجرين.
وكانت السرية الأولى بقيادة حمزة بن عبد المطلب في رمضان من السنة الأولى من الهجرة أي: بعد سبعة أشهر من الهجرة.
وهذا يدل على أن الاذن بالقتال، نزل ما بين شهر ربيع الأول شهر الهجرة، وبين رمضان.
ذلك أن المؤمنين كانوا يتشوقون إلى الوقوف أمام طغيان المشركين وعندما صار للمؤمنين القاعدة التي ينطلقون منها، والجنود، أذن الله بالقتال.
وكانت السرية الأولى إلى شاطىء البحر، بالقرب من ينبع، والسرية الثانية كانت في شوال من السنة الأولى، إلى بطن رابغ في مسافة وسط بين المدينة ومكة.
والسرية الثالثة: في ذي القعدة من السنة الأولى، إلى ((الخرار)) بالقرب من الجحفة، وهو موضع تمر به قوافل قريش التجارية.
وكانت السرايا الثلاث ذات هدف أو أهداف متحدة، منها: إظهار قوة المسلمين، وقدرتهم على الدفاع عن أنفسهم ومنها ارهاب قريش، والعرب المشركين وتحذيرهم من غزو المدينة، ومنها جعل قريش تخشى على تجارتها، فتقلل من كبريائها وإيذائها المسلمين .. ذلك أن طريق التجارة الشامية تعد من مناطق نفوذ المسلمين، أو قريبة من مناطق نفوذهم، وقريش لا عيش لها إلا بالتجارة.
وخروج المسلمين من قاعدتهم ـ المدينة ـ في سرايا، إلى ملاقاة الأعداء، دليل علة قوتهم لأن القوي هو الذي يغزو، وأما الضعيف فإنه يقبع في داره، فإذا جاءه الأعداء، دفعهم ما استطاع إلى ذلك سبيلاً.
2 - وجاءت بعد السرايا الثلاثة، غزوتان، كانتا في الاتجاه نفسه الذي اتجهت إليه السرايا، ولعلهما يتفقان مع السرايا في الهدف: وهما غزوة الأبواء .. ويقال لها ((ودان)) أيضاً، ثم غزوة بواط. وكانت الأبواء في شهر صفر…

الصفحة 143