كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

144…
من السنة الثانية، وغزوة بواط في شهر ربيع من السنة الثانية. فالغزوات والسرايا تتوالى سريعة ومتقاربة، بعد أن أذن الله للمؤمنين بالقتال، لأن المسلمين يريدون أن يظهروا قوتهم في عاصمتهم المدينة .. فكانت قوتهم تنمو سريعة وأحلافهم يكثرون، وهيبتهم تزداد، ويشيع ذكرهم بين العرب، وكان هذا يغيظ القرشيين، الذين أحسوا أن سلطانهم أخذ في التناقص فأرادوا أن يردوا بعض ما فقدوا من الهيبة، فكانت مفاجأتهم سرح أهل المدينة في أطرافها، وكانت غزوة سفوان التالية:
3 - أما سفوان: وتسمى غزوة بدر الأولى ـ فهي مكان بالقرب من بدر، من ناحية المدينة، وكان رسول الله قد خرج من المدينة طالباً كرز بن جابر الفهري، الذي أغار على نعم أهل المدينة، فاستاقها، وولى هارباً، فلحقه رسول الله فلم يدركه، ورجع بعد بلوغه سفوان.
وكان سرح المدينة يرعى في نواحي ((الجماء)) والمقصود هنا جماء ام خالد وهي الجماء الوسطى، بين جماء تضارع، وجماء العاقل، وأقرب تحديد وأثبته للمكان الذي ترعى فيه النعم، في مكان الجامعة الإسلامية بالمدينة ونواحيها .. ويقولون انه يبعد عن المدينة ثلاثة أميال ـ الاميال القديمة ـ أي: حوالي سبعة أكيال وهذا إذا قسنا المسافة ابتداء من المسجد النبوي , وقد تكون بداية السرح (المرعى) من ناحية المدينة أقل من المسافة المحددة , وتكون المسافة صحيحة إذا قسنا من طرف السرح الأقصى.
وتحديد مكان السرح بأنه في نواحي جماء أم خالد مناسب لجغرافية المدينة، لأن المكان واقع في طرف المدينة القريب من ذي الحليفة، حيث الطريق التي يتوقع أن يأتي منها المغيرون من مكة. [أنظر موقع جماء أم خالد، في مخطط ((حرم المدينة))] [وأنظر مخطط الطرق بين مكة والمدينة].
4 - ونفهم من سياق الغزوات والسرايا، أن إغارة كرز بن جابر على سرح المدينة كانت بداية الاعتداء على أموال أهل المدينة، ولم يسبقها اعتداء من المسلمين على اموال قريش .. نعم، لقد كانت السريا التي سبقت ((سفوان)) …

الصفحة 144