كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

152…
وقد يكون علماً على مكان واحد، جاء بلفظ المثنى .. ويظهر أن هذا الاسم لم يكن في الجاهلية، وانما هو اصطلاح اسلامي متأخر في زمن رواية الاحاديث والسيرة .. فلم يرد ذكره في أحاديث البخاري، ولم يذكره ابن هشام الذي روى سيرة ابن اسحق، ولم يذكره ابن القيم في ((زاد المعاد)) وجاء ذكره في طبقات ابن سعد.
وذكر ابن هشام، وابن القيم في سياق الأحداث التي كانت عند ((الشيخان)) اسم ((الشوط)) قال ابن اسحق: ((فلما كانوا بالشوط بين المدينة واحد .. الخ)) [64/ 3].
وقالوا في تحديد مكان ((الشيخان)) على يمين الذاهب إلى جبل احد، قبل الوصول إلى الجبل بحوالي كيلين.
ويذكرون في هذا الموقع ((مسجد الشيخين)) أو ((مسجد البدائع)) ويسمى اليوم ((مسجد المستراح)) على الناصية الغربية لشارع سيد الشهداء.
ومما يدل على أن اسم ((الشيخان)) علم على مكان واحد، جاء بلفظ المثنى أنهم قالوا في اعرابه إنه يلازم الألف، ويبنى على الكسر، فإذا كان مضافاً إليه بقي على صورته، فقالوا: ((أطم الشيخان)).
وأما من قال ((الشوط)) فهو قريب من تحديد مكان ((الشيخان)) أو هما متجاوران، فقد جاء في الخبر: عن أبي أسيد الساعدي قال: تزوج رسول الله امرأة من بني الجون، فأمرني أن آتي بها، فأتيته بها فانزلتها بالشوط من وراء ((ذباب)). و ((ذباب))، ويسمى ((جبل الراية)) شمالي الوداع الشامية، في شارع العيون، وشارع العيون يحاذي شارع سيد الشهداء، أحدهما يؤدي إلى احد من وسط، والثاني يؤدي إلى احد من طرفه من جهة مجتمع السيول. والعرب قد يسمون المكان باسم ما يجاوره إذا لم يكن بينهما معلم بارز. والشوط كما يفهم من اسمه يكون فضاءً صالحاً لشوط سباق الخيل، والارض هناك صالحة لذلك. والله أعلم.

الصفحة 152