كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

154…
الكرة الأولى حتى أجلوهم عن اثقالهم، ودخل المسلمون عسكر المشركين فانتهبوهم وعندما رأى الرماة هذا المشهد، اطمأنوا إلى أن النصر قد تحقق، فنزلوا وتركوا أماكنهم، فاجتاز خالد بن الوليد بخيله من الثغرة التي كانت محمية بالرماة والتف حول جبل الرماة إلى أن وصل إلى مؤخرة المسلمين فصار المسلمون بين فرسان خالد، وبقية الجيش القرشي، فاذهلت المفاجأة المسلمين، فكانت النكسة.
(هـ) أما جبل عينين، فقد اختلفوا في اسمه: اعلم مرتجل بصيغة المثنى، أم كان تثنية ((عين)) .. قيل: انه يجاور عيني ماء، فقيل جبل عينين .. والعينان: عين الشهداء، وعين اخرى بجواره .. وقد رأينا سنة 1385 هـ 1965 م، عين الشهداء وكان بها بقية من ماء، وأما العين الاخرى فلم نرها وهو مشهور بجبل ((الرماة)) .. ولم يتفق المؤرخون ورواة غزوة احد، على أن الرماة كانوا على الجبل، وانما يذكرون أن رسول الله صلى الله عليهم وسلم وضع خمسين رامياً في مكان واوصاهم الا يبرحوا أماكنهم.
(و) يظهر أن إضافة الغزوة إلى أحد، كان رواية المسلمين، وربما كان المشركون في مكة يذكرونها باسم ((عينين)) إما لأن نزولهم كان قريباً منه، وإما لأنه حادثة إخلاء الرماة جبل عينين، كانت من أسباب انتصار المشركين ولأن خالد بن الوليد التف حول هذا الجبل وفاجأ المسلمين من خلفهم .. وذكرت هذه الخاطرة، لأن البخاري روى عن وحشي قاتل حمزة قوله: فلما أن خرج الناس عام عينين، خرجت مع الناس إلى القتال .. وقال: وكمنت لحمزة تحت صخرة فلما دنا مني رميته ... والصخر التي يختبئ الرجل تحتها، انما تكون بجوار جبل عينين ...
(ز) أقول: إنني ارجح أن يكون اسم ((عينان)) مرتجلاً بصورة المثنى، ولو اضافوه إلى عيني ماء، لقالوا ((جبل العينين)) بالتعريف، لأنهما عينان مشهورتان، ولا معنى لتنكيرهما.

الصفحة 154