كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

158…
بعد إجلاء بني النضير، إلى مكة يحرض قريشاً على حرب رسول الله، وخرج كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق اليهودي يسعى في بني غطفان ويحضهم على قتال رسول الله على أن لهم نصف تمر خيبر، فأجابه عيينة بن الفزاري إلى ذلك، وكتبوا إلى حلفائهم من بني أسد، فأقبل إليهم طلحة بن خويلد فيمن أطاعه وخرج أبو سفيان بن حرب بقريش فنزلوا بمر الظهران فجاءهم من أجابهم من بني سليم مددا لهم، فصاروا في جمع عظيم، فهم الذين سماهم الله تعالى الاحزاب. [الفتح 393/ 7].
4 ـ أين يقع الخندق من المدينة، ولماذا؟.
المدينة محاطة بتحصينات طبعية من شرقها وجنوبها وغربها، لما يحيط بها من حرات وعرة يصعب على الجيوش عبورها مع ما يتخللها من قرى ومزارع ونخيل، مما يبعثر ويشتت أي جيش يفكر في الإتيان منها .. ولكن الجهة الشمالية مدخل عسكري مكشوف وغير محصن، وليس مأهولاً بالسكان، ولذلك كانت أكثر ما تأتي الغزوات إلى المدينة من طرفها الشمالي .. وقد أمر رسول الله بحفر هذا الخندق، الذي أشار به سلمان الفارسي، من نهاية الحرة الشرقية عند أجمة الشيخين حتى ثنية حرة بني سلمة الغربية إلى الشرق من مسجد القبلتين، وكان طوله حوالي (2700 م) بشكل قوس منفرج.
وإذا حاولت أن أضع له وصفاً حديثاً موافقاً لما على الارض من معالم قد قد تكون ثابتة، أقول:
(أ) نبدأ طريقنا من شارع سيد الشهداء، وقبل أن نصل إلى قبور الشهداء بحواي كيل واحد هناك مسجد أثري يكون على يمينك وانت متجه إلى المدينة وعلى يسارك وانت متجه إلى احد .. هذا المسجد الأثري هو مسجد الشيخين، ويسمى ما في شماله المستراح .. ونحو الشرق من هذا المسجد كانت نهاية الحرة الشرقية، حيث مساكن بني حارثة. من هناك بدأ حفر الخندق، فاقطع شارع سيد الشهداء.

الصفحة 158