كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

16…
فضعفت عزيمته وتثاقلت أقدامه عن الجهاد لرد كيد الأعداء .. وقد كان هذا في تاريخ القدس وفلسطين .. وفي تاريخ كل إقليم من الإسرائيليات , ما قد يكون له من الأثر ما كان في تاريخ فلسطين في مرحلة قادمة , ولكن أهل الأقاليم الأخرى نيام , أو مخدرون , أو مضللون.
وما زالوا ينقلون في الكتب التي تؤرخ لأقاليمهم: أخبار ما كان لليهود في أقاليمهم من وطن مزعوم.
ومن هذا القبيل: ما يرويه المؤرخون في تاريخ المدينة النبوية قبل الإسلام ...وقد نبهنا على ذلك في الفصل الأول من الباب الأول.
ولما ذكرت من الملحوظات , ولاعتبارات عمرانية , فإنني لا أرى شيئا من التاريخ يتساهل في روايته , لأن كل خبر له مدلول حضاري في حقول الزراعة والاقتصاد والعمران , وهذه كلها تمثل مراحل نمو الأمة , نعرف منها تليدها , وطارفنا وما كان من العوايد , وما طرأ .. الخ.
وقد قالوا في علم الحديث: ((إن هذا العلم دين , فانظروا عمن تأخذون دينكم)).
ونقول في وصف التاريخ: إن هذا التاريخ , هو كيان الأمة , وهو الواقع الاجتماعي لدين الأمة وتراثها , وهو مصدر الاعتزاز والفخار الدافعين إلى حماية الثغور فانظروا عمن تأخذون تاريخكم.
وبسبب هذه النظرة إلى التاريخ الإسلامي بعامة , وتاريخ صدر الإسلام بخاصة ولخصوصية تاريخ المدينة النبوية في القرون المفضلة , فإنني اعتمدت على الروايات المأخوذ من كتب الحديث النبوي , وعلى الروايات المسندة.
فإن جاء الخبر في كتب الأحاديث التي تعتمد الروايات الصحيحة والحسنة , فقد كفينا مؤونة دراسة السند والمتن , لأن الأمة رضيت بما رووا في شؤون العبادات والمعاملات.
وإن كانت الرواية مسندة , ولكنها ترد في كتب التاريخ والتراجم ,التي…

الصفحة 16