كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

164…
(هـ) لعل الأسباب السابقة مجتمعة قد أدت إلى شح الزاد في المدينة، ولكن أقواها انشغال المسلمين بالقتال، وليس عندهم من العبيد والخدم ما يعينهم على أعمالهم كما كان لاهل مكة .. روى البخاري عن أنس قال: خرج رسول الله إلى الخندق فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النصب والجوع قال: ((اللهم إن العيش عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة)) قاله غير موزون يتعمد ذلك.
قال ابن حجر في قوله: ((ولم يكن لهم عبيد .. )) أي: أنهم عملوا فيه بأنفسهم لاحتياجهم إلى ذلك لا لمجرد الرغبة في الأجر. [الفتح 394/ 7].
16 ـ وكان من آثار غزوة الخندق، محاصرة بني قريظة، لأنهم نقضوا العهد فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعمل السيف في رجالهم، وسبى نساءهم وذراريهم .. وبزوالهم نظفت المدينة من اليهود، وأصبحت خالصة للمسلمين، ولم يجتمع فيها بعد ذلك دينان.
13 - غزوة بني المصطلق، وحديث الإفك، وغزوة ذات الرقاع:
وبنو المصطلق من خزاعة، كانوا على ماء يقال له المريسيع، ولذلك تسمى الغزوة باسم الماء.
ومكان الغزوة، في الجنوب الغربي من مكة، على بعد حوالي مئة كيل.
وحديث الإفك: قصته مشهورة، كان في أعقاب غزوة من الغزوات، قيل: إنها غزوة المريسيع.
وغزوة ذات الرقاع: سميت بذلك , لأن المسلمين كانوا يلفون الرقاع على أقدامهم لئلا يؤذيهم المشي عليها .. وقيل غير ذلك .. وكانت إلى ديار غطفان في شرقي المدينة النبوية على بعد حوالي مائة كيل , في نواحي الحناكية , على طريق القصيم.
وقد جمعت بينهم، لاتصالهم بقصة عقد السيدة عائشة، الذي كان سببا في ((حديث الإفك)) وفي نزول آية التيمم ... ولاتصال القصة، قصة التيمم، بمعالم المدينة.

الصفحة 164