كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

167…
المغازي]. وقوله إن ماء بني المصطلق قريب من الفرع، لا يصح، لأن الغزوة كانت على ماء لهم قرب قديد، وبين قديد والفرع مسافة طويلة، لأن قديدا شمال مكة بـ 114 كيلا، والفرع جنوب المدينة بـ 150 كيلا. (انظر الخرائط).
(ب) يؤخذ من النصوص أن قصة العقد كانت في غزوتين منفصلتين، وهناك أدلة نقلية ولفظية على ذلك: من الأدلة النقلية: حديث الطبراني في معجمه عن عائشة قالت: ((لما كان من أمر عقدي ما كان وقال أهل الإفك ما قالوا، فخرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أخرى، فسقط أيضا عقدي حتى حبس التماسه الناس ... فأنزل الله الرخصة في التيمم)).
قال ابن القيم في ((زاد المعاد 3/ 258)) بعد روايته الحديث، تعقيبا على قول ابن سعد: فهذا يدل على أن قصة العقد التي نزل التيمم لأجلها بعد هذه الغزوة، وهو الظاهر، ولكن فيها ـ في غزوة بني المصطلق ـ كانت قصة الإفك بسبب فقد العقد والتماسه فالتبس على بعضهم إحدى القصتين بالأخرى.
وقال ابن سيد الناس بعد أن أورد حديث الطبراني: ((فهذه الرواية تقتضي أن الواقعتين كانتا في غزوتين)) [عيون الأثر 2/ 103].
وقال ابن حجر في ((الفتح 1/ 435)): اعتمد بعضهم في تعدد السفر على رواية للطبراني صريحة في ذلك .. ثم ساق الحديث. وقال وفي إسناده محمد بن حميد الرازي , وفيه مقال ... وقال: وفي سياقه من الفوائد التصريح بأن ضياع العقد كان مرتين في غزوتين.
وإذا كان في أحد رجال السند ما قد يؤدي إلى سقوطه عن درجة الأحتجاج فإنه توجد قرائن أخر تؤيد ما دل عليه هذا الحديث: وهذه القرائن قول أسيد بن حضير في حديث التيمم الصحيح؛ بعد نزول آية التيمم: ((ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر)) فهذا القول صريح في أنها مسبوقة بغيرها من البركات، وأعظم بركة عرفت لعائشة هي نزول القرآن ببراءتها من مقالة أهل الإفك.

الصفحة 167