كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

169…
خيبر، فوصلوا وقد تم الفتح، ونقل ابن حجر في الفتح حديث أبي هريرة عن أبن أبي شيبة: قال أبو هريرة: لما نزلت آية التيمم لم ادر كيف أصنع .. قال: فهذا يدل على تأخر غزوة ذات الرقاع عن غزوة بني المصطلق لأن اسلام أبي هريرة كان في السنة السابعة، وهي بعدها بلا خلاف. [الفتح 1/ 435].
فهل كان نزول آية التيمم المقرون بسقوط وضياع عقد عائشة المرة الثانية في غزوة ذات الرقاع؟
إن القول بنزول آية التيمم في غزوة ذات الرقاع، لا يتفق مع جغرافية الغزوة وجغرافية الأماكن الواردة في حديث عائشة وهي ((البيداء)) و ((ذات الجيش)) فمن المتفق عليه أن البيداء، وذات الجيش في طرف المدينة المؤدي إلى مكة عن طريق بدر. أما غزوة ذات الرقاع فهي في جهات نجد. قال ابن القيم. ((ثم غزا رسول الله بنفسه غزوة ذات الرقاع، وهي غزوة نجد)) [3/ 250] وطريق نجد تبدأ من شرق المدينة.
وقال البلادي يحدد موضع الغزوة: انه محصور بين نخل (وادي الحناكية) وبين الشقرة، وفي مسافة خمسة وعشرين كيلا طولا، فالأول يبعد عن المدينة مئة كيلا، والثاني يبعد عنها خمسة وسبعين كيلا. [أنظر: المعالم الأثيرة ـ للمؤلف].
ويدل على انها في جهات ((نخل)) النجدية قول البخاري ((فنزل نخلا)).
(د) كيف يمكن الجمع بين الروايات:
1 ـ كان ضياع العقد في البيداء، أو ذات الجيش ـ وهما متصلان ـ حين خروج النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة، فإذا صح ان الغزوة ذات الرقاع، وهي في شرق المدينة في نجد، قد يكون تغيير الطريق لتضليل المنافقين والجواسيس، فمر الجيش أولا على ذي الحليفة، فالبيداء ليوهم الجواسيس أنه ذاهب إلى طريق مكة.
ولعل الجيش قد عدل بعد ذلك نحو الشرق، وكان يفعل رسول الله ذلك كثيرا.

الصفحة 169