كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

170…
2 ـ قال ابن حجر في الرد على من قال إن قصة التيمم في غزوة المريسيع: ((واستبعد بعض شيوخنا ذلك قال: لأن المريسيع من ناحية مكة بين قديد والساحل وهذه القصة كانت من ناحية خيبر، لقولها في الحديث: حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش، وهما بين المدينة وخيبر، كما جزم به ((النووي)) [الفتح 1/ 432] قلت: إن كانوا يقصدون أن ذات الرقاع من ناحية خيبر، فليس كما قالوا، لأن خيبر تقع شمال المدينة، وذات الرقاع في شرقها، لأن أكثر غطفان كان في نجد وإن كانوا يريدون غزوة من الغزوات التي تمر في نواحي خيبر، فقد نجد لقولهم تأويلا، لأن البيداء أرض واسعة، ليست محدودة بما يمر به المسافر إلى بدر أو مكة، وقد تمتد أطرافها قريبا من طريق خيبر، وربما كانت تقصد: حتى إذا كنا بحذاء البيداء، أو بجوار البيداء، وقد يأخذ المكان المجاور اسم مجاوره إذا لم يكن للأول اسم معهود ... ولكننا لا نعلم في أي غزوة كان ذلك، إن كانت من جهات خيبر.
3 ـ ليس عندهم دليل قاطع على أن قصة التيمم كانت بعد خيبر، غير حديث منقطع رواه ابن أبي شيبة، عن سليمان بن موسى عن أبي هريرة قال: ((لما نزلت آية التيمم لم ادر كيف اصنع، فاتيت النبي صلى الله عليه وسلم فلم اجده فانطلقت اطلبه فاستقبلته، فلما رأى الذي جئت له فبال، ثم ضرب بيديه الأرض فمسح بهما وجهه وكفيه)). [مصنف ابن أبي شيبة 1/ 159] وسليمان بن موسى الأموي (155 هـ) كان فقيها، وقالوا: كان أعلم أهل الشام بعد مكحول .. ولكن لم يلق أحدا من الصحابة، فاحاديثه مرسلة ـ وقال أبو حاتم: في حديثه بعض الأضطراب، وقال البخاري: عنده مناكير، وقال النسائي: أحد الفقهاء وليس بالقوي في الحديث .. [تهذيب التهذيب 4/ 226].
وقد أتخذوا من هذا الخبر دليلا على أن التيمم كان بعد خيبر، لأن أبا هريرة قدم إلى المدينة عام فتح خيبر.
وإذا ثبت ضعف هذا الحديث، فقد تكون آية التيمم نزلت في غزوة سابقة…

الصفحة 170