كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
177…
المدينة، لا تسمح الأحوال العسكرية في السنة السادسة بابتعاد أموال أهل المدينة، دون حراسة إلا من راع واحد.
وقد جاء العدوان من الشرق: شرق المدينة، لأن قبيلة غطفان التي أغارت على المدينة، كانت تسكن شرق المدينة إلى القصيم إلى خيبر .. ومجمل القصة: إن عيينة بن حصن الفزاري الغطفاني أغار على لقاح لرسول الله بالغابة، وفيها رجل من بني غفار وامرأة له، فقتلوا الرجل واحتملوا المرأة في اللقاح .. وكان سلمة بن الأكوع أول من علم ذلك وهو خارج إلى الصيد، فصاح بأعلى صوته معلناً خبر الغارة ثم لحق بهم، حتى استنقذ اللقاح منهم، ثم لحق به رسول الله والمسلمون، حتى وصلوا إلى ذي قرد .. ثم عادوا إلى المدينة. [البخاري ك 64 وابن هشام جـ 3].
وفي القصة من الفوائد غير ما ذكرت.
أولاً: رواية ابن إسحق: كان أول من نذر بهم سلمة بن الاكوع، غدا يريد الغابة متوشحاً قوسه ونبله .. وفي رواية ((وكنت أرمي الصيد)) وهو يناسب حال ترجمة سلمة بن الأكوع، فهو مشهور بأنه كان يصيد، ويهدي لحوم الصيد لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثانياً: مما يدل على أن اللقاح كانت ترعى بالغابة، رواية ابن إسحق: ((حتى إذا علا ـ سلمة ـ ثنية الوداع نظر إلى بعض خيولهم، فأشرف في ناحية سلع ثم صرخ)) ذلك أن ثنية الوداع التي ذكرها، كانت ثنية في جبل سلع ـ أول طريق سلطانة اليوم ـ ومن ثنية الوداع إلى الغابة، خط مستقيم نحو الشمال .. لكن قوله: ((نظر إلى بعض خيولهم)) ـ أي: خيول المغيرين ـ فيه دليل على أن الغابة كانت ممتدة إلى ما يسمى اليوم شارع العيون، لأن رؤية الخيل المغيرة من ثنية الوداع يدل على قربهم.
ثالثاً: جاء في حديث البخاري عن سهل بن سعد الساعدي قال: ((أرسل رسول الله إلى فلانة، مري غلامك النجار أن يعمل لي أعواداً أجلس عليهن إذا…