كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
178…
كلمت الناس، فامرته فعملها من طرفاء الغابة .. )). وفي الخبر دليل على قرب الغابة من المدينة، لأن ذهاب النجار الى الغابة لقطع الأعواد منها، يدل على ذلك .. وفيه ان أشجار الغابة كانت تكبر وتشتد اعمدتها، ولذلك كانت صالحة لصناعة المنبر منها .. [انظر البخاري ك 11 باب 26، وشرح ابن حجر في الفتح 398/ 2].
ولكن نساخ فتح الباري حرفوا الكلام، وجعلوا الغابة من ((عوالي)) المدينة .. وهي في سافلتها، وابن حجر لا يجهل ذلك، ولعلها في الاصل ((من امول المدينة)) .. ومعاجم المواقع يقولون: ((الغابة موضع قرب المدينة من ناحية الشام، فيه اموال لاهل المدينة)) فحرفوها كما رأيت.
16 - بقية الغزوات والسرايا:
كانت غزوة الغابة، في ربيع الاول من السنة السادسة، وتلتها غزوة الحديبية في شهر ذي القعدة من السنة السادسة .. وارسل النبي صلى الله عليه وسلم بين الغزوتين خمس عشرة سرية، شملت انحاء واسعة من الجزيرة العربية، وبلغت في الشمال الى اقصى اطراف الجزيرة.
وجاءت غزوة خيبر بعد الحديبية، في جمادى الاول من السنة السابعة فكان فتحها نهاية لاخر معقل من معاقل اليهود في الجزيرة.
وكانت المدينة مهددة في السنوات السابقة من عدوين: من قريش، واليهود.
اما قريش فكانت لهم مع رسول الله في الحديبية، ورضا قريش بالهدنة دلالة على اعترافها بقوة المسلمين، وانتشار نفوذهم.
واما اليهود، فقد انتهت قوتهم بفتح خيبر.
وكانت الغزوة التالية: فتح مكة .. في شهر رمضان من السنة الثامنة، وبين خيبر، وفتح مكة أرسل النبي صلى الله عليه وسلم خمس عشرة سرية .. ثم جاءت غزوة الفتح في رمضان من السنة الثامنة، وبفتح مكة انتهت زعامة العرب التي كانت تحارب المسلمين، ثم كانت غزوتا هوازن والطائف في شوال من السنة الثامنة، بعد غزوة الفتح، لتأمين حدود حرم مكة المكرمة، حيث كانت الطائف،-وفيها ثقيف -ألصق البقاع إلى مكة.
…