كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
179…
17 - وآخر الغزوات النبوية، تبوك:
في رجب من السنة التاسعة، وكانت لهذه الغزوة دلالات سياسية واقتصادية، اما الدلالات السياسية، او العسكرية فهي قدرة المسلمين على حماية ثغورهم البعيدة عن المدينة، واثبات تحديهم لاحدى القوتين العظميين في ذلك الوقت، وهي قوم الروم، وفيها تنبيه للعرب الذين يخضعون لنفوذ الروم ـ في بلاد الشام ـ بأن الاسلام قادم اليهم وانهم معنيون بالرسالة الاسلامية كاخوانهم من عرب وسط الجزيرة.
اما الدلالة الاقتصادية، فسوف اذكرها في ترجمة الخليفة عثمان رضي الله عنه، لانه كان من رموزها، ورموز الاقتصاد المدني في العهد النبوي.
18 - وكان قدوم رسول الله الى المدينة بعد تبوك، آخر مقدم من غزوة، فلم يخرج بعدها الا لحجة الوداع سنة عشر.
وقد اختلطت قصة مقدم رسول الله من تبوك، بقصة مقدمه في اول الهجرة في موضوع النشيد المشهور:
طلع البدر علينا من ثنية الوداع
فقال قوم: انه عند القدوم من مكة في بداية الهجرة، وقال آخرون: ان النشيد، كان يوم مقدمه من تبوك، وبين المقدمين تباعد في الزمان والمكان.
ولي كلمة في هذا الخلاف، تجعل الاراء في القصة ثلاثة.
وألخص رأيي في النقاط التالية:
(أ) اذا صح سند النشيد ومتنه، وثبت ان اهل المدينة انشدوه مرحبين بمقدم رسول الله صلى الله علية وسلم: ... قلت ـ اذا صح ـ فإن الانشاد يكون عند مقدم رسول الله من غزوة تبوك، وليس في بداية الهجرة.
وذلك للادلة التالية:
الاول: لم يرد ذكر ثنية الوداع في الطريق المكي الا في هذا النشيد مع كثرة خروج النبي صلى الله علية وسلم وعودته من هذا الطريق ... وقد ورد اسم ((ثنية الوداع)) في طريق تبوك، أو الطريق المؤدية الى الشمال، والشام مرات كثيرة، منها في غزوة…