كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

193…وفي صحيح مسلم عن نافع بن عبد الحارث الخزاعي ـ صحابي، وكان عامل عمر على مكة ـ انه لقيه بعسفان، فقال له: من استخلفت؟ فقال: استخلفت ابن أبزى ـ عبد الرحمن ـ فقال عمر: استخلفت مولى (1)؟ قال انه قارئ لكتاب الله عالم بالفرائض، فقال عمر: اما ان نبيكم قد قال: ((ان الله يرفع بهذا الكتاب اقواماً، ويضع به آخرين)) واما قوله تعالى: (رب زدني علماً) فهو واضح الدلالة على فضل العلم، لان الله تعالى لم يامر نبيه بطلب الازدياد من شيئ الا من العلم.
وبوب البخاري رحمه الله، في كتاب العلم، ((باب العلم قبل القول والعمل)) لقول الله تعالى: (فاعلم انه لا اله الا الله)) فبدأ بالعلم، وان العلماء هم ورثة الانبياء، ورثوا العلم، من اخذه اخذ بحظ وافر، ومن سلك طريقاً يطلب به علماً سهل الله له طريقاً الى الجنة، وقال الله تعالى: (انما يخشى الله من عباده العلماء) وقال تعالى: (هل يستوي الذي يعلمون والذين لايعلمون).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من يرد الله به خيراً يفقهه)).
وانما العلم بالتعلم ... هذا البيان لفضل العلم ومنزلته، قد وعاه الصحابة وعملوا به، واستنفذوا في تطبيقه طاقتهم .. فما الوسائل التي كانت متاحة لتحصيل العلم؟.
* * *

__________
(1) عبد الرحمن بن أبزى، ذكره البخاري من الصحابة. وقوله ((مولى)) للمولى معان كثيرة منها: المولى: الناصر. والمولى: المعتق: اسم فاعل. والمعتق: اسم مفعول. والمولى: ابن العم، والعم: والاخ، والابن، والعصبات كلهم. والمولى: الذي يلي عليك أمرك. والمولى: الذي يسلم على يدك ويواليك. والمولى: الحليف. وقد يكون المولى عربياً، وقد يكون عجمياً انظر ((لسان العرب)) مادة ((ولي)).

الصفحة 193