كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
195…
رسمهم فيها تبركاً بما رسمه اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخير الخلق من بعده المتلقون لوحيه من كتاب الله وكلامه، كما يقتفى لهذا العهد ـ عهد المؤلف ـ خط ولي أو عالم تبركاً، ويتبع رسمه خطئاً أو صواباً ... )).
وهذا الذي نقله البلاذري، وابن عبد ربه، وابن خلدون، لا يعتمد على رواية صحيحة، ويوجد في النصوص التاريخية ما ينقضه، واليك الشرح:
1 - ليس عندنا بداية معروفة للكتابة العربية، مما يدل على قدمها، وقدم الشيء يساعد على انتشاره، ولو كان ذلك بصورة بطيئة فقد قال ابن النديم في الفهرست: اختلف الناس في اول من وضع الخط العربي، ونقل عن هشام الكلبي ـ وهو من رواة الغرائب ـ ان اول من صنع ذلك قوم من العرب العاربة، نزلوا في عدنان بن أد، واسماؤهم: ابو جاد، هواز، حطي، كلمون، صعفص، قريسات .. وضعوا الكتاب على اسمائهم ثم وجدوا بعد ذلك حروفاً ليست من اسمائهم، وهي الثاء والخاء والذال والظاء والشين والغين، فسموها الروادف.
قال: وهولاء ملوك مدين، وكان مهلكهم يوم الظلة في زمن شعيب النبي .. )) ونقل شعراً لاخت كلمون ترثيه .. لا تصح روايته.
واغرب كعب فنسب وضع الكتابة الى آدم، ولذلك قال ابن النديم: ((وقال كعب ـ وانا ابرأ الى الله من قوله ـ ان اول من وضع الكتابة العربية والفارسية وغيرها من الكتابات آدم عليه السلام، وضع ذلك قبل موته بثلاثمائة سنة)).
ونقلوا عن ابن عباس قوله: اول من كتب بالعربية ثلاثة رجال من ((بولان)) وهي قبيلة سكنوا الانبار، وانهم اجتمعوا فوضعوا حروفاً مقطعة وموصولة، وهم مرامر بن مرة، واسلم بن سدرة، وعامر بن جدرة، فاما مرامر فوضع الصور، واما اسلم ففصل ووصل، واما عامر فوضع الاعجام، وسئل اهل الحيرة: ممن اخذتم الخط العربي، فقالوا من الانبار.
وروي عن مكحول: ان اول من وضع الكتاب العربي، نفيس، ونضر،…