كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

199…بدر لم يكن لها فداء، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فداءهم ان يعلموا اولاد الانصار الكتاب، قال: فجاء يوماً غلام يبكي الى ابيه، فقال: ما شأنك قال: ضربني معلمي، قال: الخبيث يطلب بذحل ـ ثأر ـ بدر، والله لاتأتيه ابدا)).
وروى ابن سعد في [الطبقات 22/ 2] باسانيد متعددة، قال: ((اسر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر سبعين اسيراً وكان يفادي بهم على قدر اموالهم وكان اهل مكة يكتبون واهل المدينة لا يكتبون فمن لم يكن له فداء دفع اليه عشرة غلمان من غلمان المدينة، فعلمهم، فاذا حذقوا، فهو فداؤه)). [وانظر المستدرك 140/ 2، والاموال 106].
هذه الاخبار المسندة تنقض مانقله البلاذري وابن عبد ربه، ان عدد الكاتبين في صدر الاسلام ـ في مكة ـ سبعة عشر رجلاً، وذلك يظهر عند تحليل هذه الاخبار، ورواية البلاذري وابن عبد ربه، واخبار غزوة بدر.
(أ) كان عدد جيش قريش في بدر الف رجل، واسر المسلمون منهم سبعين رجلاً.
(ب) رواية الامام احمد عن ابن عباس: ((كان ناس من الاسرى يوم بدر لم يكن لهم فداء)) ورواية ابن سعد ((فمن لم يكن له فداء دفع اليه عشرة غلمان)).
تدلان على ان عدد الكاتبين في الاسرى كان كبيراً لان ابن عباس قال: ((كان ناس))، ولأن القصة أثارت انتباه الرواة وكان لها اثر في المجتمع، ولا يكون لها هذا الاثر، الا اذا كان عدد الكاتبين الذين عجزوا عن فداء انفسهم كبيراً ...
(جـ) اذا افترضنا ان عشرة من السبعين كانوا يجيدون الكتابة فاننا نقدر ان عدد الكاتبين في جيش قريش المقدر بالألف، لا يقل عن مئة، وقد يصل الى مائة وخمسين كاتباً 10/ 70 × 1000 = 142. مع العلم ان العدد قد يكون اكثر من ذلك، لان هؤلاء العشرة كانوا من الفقراء، وكانوا متعلمين، فكيف يكون حال الاغنياء؟.

الصفحة 199