كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

201…
وهكذا نلاحظ ان ثلاثة فقط من قائمة الاسماء ربما حضروا بدراً مع المشركين ولا ندري أكانوا مع الأسرى، ام لم يكونوا معهم.
4 - وقول ابن خلدون: إن الخط العربي لم يكن بالغاً الجودة في صدر الاسلام بسبب بدواة العرب، وضربه المثل بالرسم القرآني، زاعماً أن الصحابة أخطؤوا في رسم الخط لجهلهم .. قول ابن خلدون هذا مردود عليه وجانبه الصواب فيه، وذلك للأسباب التالية:
(أ) ان رسم الخط الذي كتب به المصحف، هو الرسم المتفق عليه في زمانهم، وقد قرأ المصحف العثماني مئات من الصحابة وآلاف من التابعين العلماء، ولم ينقل عن احد خلاف في رسمه، مع كثرة المخالفين في ذلك الزمان، ولم ينقل عن أحد من الشيعة أو الخوارج أو المعتزلة طعن في رسم المصحف.
فإملاؤه هو الإملاء المعروف في زمن كتابته .. ورسم الخط قد يدخل عليه شي من التغيير مع مرور الزمن .. ولا يدعي احد ان صورة الحروف والكلمات التي كانت في بدء وجود الخط العربي , هي الصورة الباقية على مر الزمن .. ولو بعث الخليل بن احمد الفراهيدي في أيامنا لتردد في قراءة رسم بعض الحروف التي في أيامنا.
(ب) لقد كتب المصحف في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه في زمن يتفق المؤرخون فيه، على أن الحضارة والمدنية والتأنق قد بلغوا مبلغا جيدا، لايقاس بما كان عليه الناس في العصر الجاهلي، وإذا كان الذين يعرفون الكتاب في بداية العهد النبوي يعدون بالمئات، فلا بد أنهم أصبحوا في عصر الخليفة عثمان يعدون بالآلاف؛ فثلاثون سنة بعد الهجرة ليست قليلة في عصر الفتوحات، وتمصير الأمصار، واتساع رقعة الدولة الإسلامية، وكيف يوصف المسلمون في المدينة ـ في عهد عثمان ـ بالبداوة، وقد اتسع عمران المدينة، وبنيت القصور، وامتدت رقعة الأرض الزراعية، وامتلأت المدينة بالعبيد والخدم القادمين من البلاد المفتوحة؟!.

الصفحة 201