كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
202…
(جـ) يلاحظ من تتبع رسم المصحف، أنهم رسموا كلماته على الشكل المعروف بالرسم القرآني، أو العثماني، عن تعمد وقصد وعن معرفة واعية بقواعد الرسم؛ لأننا نجدهم رسموا الكلمة الواحدة بصورتين: فهم يكتبون التاء المربوطة مرة هاء، ومرة تاء مفتوحة ((نعمة ـ ونعمت)) ونجد في الآية الواحدة رسم الكلمة الواحدة بصورتين ((سحر، والساحر)) .. ولو كان صنيعهم لجهلهم بقواعد الرسم ـ كما يزعم ابن خلدون ـ لتكرر الرسم المخالف لقواعد الإملاء في أيامنا.
والأمثلة على ذلك كثيرة في كتاب الله.
5 - ومن الأدلة على كثرة الكتاب في العهد النبوي: كثرة الكتاب الذين كتبوا للنبي صلى الله عليه وسلم.
فذكر منهم ابن عساكر خمسة وعشرين كتاباً وأوصلهم القرطبي في تفسيره إلى ستة وعشرين، وأوصلهم العراقي إلى اثنين وأربعين، ونظمهم في أبيات من الرجز. [التراتيب الأدارية 116/ 2].
ولكنهم لم يكونوا جميعهم كتّاب وحي، وإنما كانوا يكتبون في شؤون متفرقة.
6 - كانت الكتابة من ضروريات الحرب في السلم والحرب، والسياسة والاقتصاد، والحقوق؛ قال ابن عبد ربه في العقد الفريد [244/ 4]: ((وكان خالد بن سعيد بن العاص ومعاوية بن أبي سفيان يكتبان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم في حوائجه وكان المغيرة بن شعبة والحصين بن نمير يكتبان مابين الناس، وكانا ينوبان عن خالد، ومعاوية إذا لم يحضرا.
وكان عبد الله بن الأرقم بن عبد يغوث، والعلاء بن عقبة، يكتبان بين القوم في قبائلهم ومياههم، وفي دور الأنصار بين الرجال والنساء.
وكان ربما كتب عبد الله بن الأرقم إلى الملوك عن النبي صلى الله عليه وسلم وكان حذيفة بن اليمان يكتب خرص ثمار الحجاز.
وكان معيقيب بن أبي فاطمة يكتب مغانم النبي صلى الله عليه وسلم. وكان حنظلة بن الربيع بن المرقع بن صيفي، ابن أخي أكثم بن صيفي خليفة كل كاتب من كتّاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا غاب عن عمله فغلب عليه اسم الكاتب)).
…