كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
203…
وقال القلقشندي في ((صبح الأعشى)): أعلم أن هذا الديوان ـ ديوان الإنشاء ـ إول ديوان وضع في الإسلام، وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكاتب أُمراءه وأصحاب سراياه من الصحابة ويكاتبونه، وكتب إلى من قرب من ملوك الأرض يدعوهم إلى الاسلام وبعث إليهم رسله بكتبه، وكتب لعمرو بن حزم عهداً حين وجهه إلى اليمن، وكتب لتميم الداري واخوته بإقطاع بالشام، وكتب كتاب القضية بعهد الهدنة بينه وبين قريش عام الحديبية، وكتب الأمانات أحياناً .. الخ، .. وهذه المكتوبات متعلقها ديوان الإنشاء، بخلاف ديوان الجيش فإن أول من وضعه ورتبه عمر بن الخطاب في خلافته.
7 - ذكر القرآن الكريم الأدوات التي يكتب عليها: وفيها دلالة على أنها من الأدوات الحضارية الثقافية المتداولة.
قال تعالى: (بل هو قرآن مجيد في لوح محفوظ) .. وقال تعالى: (والطور وكتاب مسطور في رق منشور) والرق ما يرقق من الجلد ليكتب فيه.
وقال تعالى: (ولو نزلنا عليك كتاباً في قرطاس فلمسوه بأيديهم).
8 - كتابة الأحاديث النبوية، في العهد النبوي، وعهد الخلفاء الراشدين، وتتابع ذلك في بقية القرن الأول، ونناقش في هذه الفقرة مسائل:
(أ) شيوع فكرة عدم كتابة الحديث في العهد النبوي، حتى نهاية القرن الأول، وربطها بقلة الكتّاب في بداية الهجرة: فقد اشتهر بين عامة المتعلمين، من غير ذوي التتبع والاستقصاء، أن الحديث أو مايطلق عليه لفظ ((العلم)) ظل أكثر من مئة سنة يتناقله العلماء حفظاً دون أن يكتبوه.
وسبب هذا الظن خطأ في تأويل ما ورد عن المحدثين في تدوين الحديث وتصنيفه، فقد ذكر هؤلاء أن أول من دوّن العلم، ابن شهاب الزهري المتوفى سنة 124 هـ، وذكروا أول من صنف الكتب فإذا هم جميعاً من عاش بعد سنة 143 هـ.
…