كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

204…
ولم يعط المؤرخون هذه الاقوال حقها من التأويل والتفهم الجلي، بل رووها بشكل يوهم بأن أول من كتب الحديث ابن شهاب، والذي حملهم على هذا الفهم أنهم لم يقعوا على نصوص مكتوبة في القرن الأول، واشتهار حديث أبي سعيد الخدري أن رسول الله نهى عن كتابة غير القرآن، اضف إلى ذلك إجلالهم لشأن العرب في قوة الحفظ، وقد جاء هذا الرأي عند عدد من الأعلام أذكر منهم:
أبو طالب المكي وانظر ((قوت القلوب 151/ 1))
ابن خلدون وانظر ((المقدمة ص 480))
المقريزي وانظر ((الخطط 333/ 2))
وابن حجر العسقلاني وانظر ((مقدمة فتح الباري ص 4))
حسن صديق خان وانظر ((أبجد العلوم ص 110))
محمد بن جعفر الكتاني وانظر ((الرسالة المستطرفة ص 3))
(ب) الجمع بين الإباحة والمنع:
وردت أحاديث وآثار تمنع الكتابة ـ كتابة الحديث ـ ووردت أحاديث تبيح الكتابة (سيأتي ذكر أحاديث الإباحة).
فذكر ابن قتيبة لهذا الاختلاف معنيين: الأول: أن يكون من منسوخ السنة بالسنة، والمعنى الثاني: أن يكون الرسول عليه الصلاة والسلام، خصّ من أباح له بالكتابة، لأنه يتقن الكتابة ولا يخشى عليه من الغلط.
(تأويل مختلف الحديث 365 ـ 366).
وذكر الحسن بن عبد الرحمن الرامهرمزي (ت 360) أن حديث أبي سعيد الخدري في المنع، ربما كان محفوظاً في أول الهجرة، وحين كان لا يؤمن الاشتغال به عن القرآن.
واعتقد حمد بن محمد الخطابي البستي (317 ـ 388 هـ) إمكان وجود النسخ وقال: ((وقد قيل: إنما نهى رسول الله أن يكتب الحديث مع القرآن في…

الصفحة 204