كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
208…
أقربها مع أنه لا ينافيها، ومنهم من أعل الحديث، وقال: الصواب وقفه على أبي سعيد، قاله البخاري وغيره [الفتح 208/ 1].
3 ـ إذا صح رفع حديث أبي سعيد الخدري، فإن النهي يقصد به الكراهية والحذر والاحتياط، وليس المنع والتحريم، وربما كانت الكراهية في بداية العهد النبوي بعد الهجرة، لئلا يختلط قول رسول الله بالقرآن، ثم كانت الإباحة بعد أن أصبح القرآن محفوظاً في الصدور، وتميز اسلوبه في ذهن المسلمين من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ولو فرضنا أن الكراهية بقيت في العهد النبوي، فإنها كراهية تميز كتابة الصحابي الملازم الفقيه، من كتابة المسلم الذي لا يلتقي رسول الله إلا لماماً، فالأول متمكن، والثاني يخشى عليه من الخلط.
ولكن هذه الكراهية سوف تذهب أسبابها عندما يكتب المصحف العثماني ويعمم، ويصبح هو المصحف الإمام للمسلمين جميعاً، وقد كان هذا حوالي سنة 25 هـ.
وبعد ذلك فلن يكون للكراهية محل ...
أما القول أن الكراهية كانت خشية الاتكال على الكتابة دون الحفظ .. فهذا غير مقبول، وكان من الأولى أن تكره كتابة المصحف، لأن حفظه أولى من حفظ الحديث النبوي ... وليس من المعقول دعوة الناس إلى الاتكال على الحفظ , والناس يتفاوتون ـ خلقةً ـ في درجة الحفظ.
4 ـ خلاصة القول في الكتابة والكتاب، في العهد النبوي بخاصة، والقرن الأول بعامة: أن الكتاب كانوا كثيرين، ويزدادون يوماً بعد يوم، وأن الكتابة ـ كتابة العلم ـ بدأت منذ العهد النبوي، وازدادت في العهد الراشدي، وعمت في بقية القرن الأول، وأن كثيراً من الصحابة كتبوا الأحاديث النبوية، وانظر تفصيلاً في ((التراتيب الإدارية 249/ 2 ـ وما بعدها)) والفصل الأول من كتاب ((تاريخ تدوين السنة)) للدكتور الأعظمي.
…