كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
212…
قال الكتاني في ((التراتيب الإدارية 293/ 2)): وسئل الاستاذ الشيخ المختار الكنتي عن الأصل في ترك المعلم للصبي قراءة الاربعاء والخميس والجمعة فأجاب: بأن الصحابة كانوا قبل ولاية عمر إنما يقرئ الرجل ابنته وأخاه الصغير ويأخذ الكبير عن الكبير مفاهمة لسيلان أذهانهم، فلما كثرت الفتوحات وأسلمت الأعاجم وأهل البوادي وكثر الولدان أمر عمر ببناء بيوت المكاتب ونصب الرجال لتعليم الصبيان وتأديبهم وكانوا يسردون القراء في الاسبوع كله، فلما فتح عمر الشام ورجع قافلاً للمدينة، تلقاه أهلها ومعهم الصبيان، وكان اليوم الذي لاقوه فيه يوم الأربعاء، فظلوا معه عشية الاربعاء ويوم الخميس وصدر يوم الجمعة.، فجعل ذلك لصبيان المكاتب واوجبت لهم سنة للاستراحة .. وفي هذا الخبر تأريخ لوجود ((الكتّاب)) الذي تشرف عليه الدولة، قبل سنة 20 هـ. والله أعلم.
بل ذكر الكتاني ما هو أقدم من ذلك، فقال ((في شرح المجاجي)) على مختصر ابن أبي جمرة، قال أنس بن مالك: ((إذا لم يتحفظ معلم الأولاد على ماء الألواح، ولم يسأل أين يطرحونه فلينظر على أي دين يموت، دين اليهود أو دين النصارى، قيل له: كيف كانوا يفعلون يا أنس؟ قال: كان المؤدب في زمن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، يجعل إناء كبير معداً لمحو الالواح، فيأتي كل يوم صبي من اولئك بماء، ثم يجعل الماء في حفرة .. )) فأرخ وجود المكتب زمن أبي بكر. [التراتيب 294/ 2 ـ 295].
(ي) سن التعليم:
لم يذكروا سناً محددة لبدء تعليم الأولاد في صدر الإسلام: وتتراوح السن التي يعلمون فيها الطفل بين الخامسة والسابعة.
وأخذوا في ترجمة عمرو بن سلمة، أنهم ربما كانوا يبتدئون بتعليم الأطفال وهم في سن الخامسة أو دون ذلك، لأن عمرو بن سلمة كان يؤم قومه وهو ابن ست أو سبع أو ثمان، في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان أكثرهم قرآناً.
وربما كان سن السابعة هو الأعم لأن رسول الله قال: مروهم بالصلاة لسبع .. ونقل أن الإمام مالك كره أن يعجل…