كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

214…
ثالثاً - التدرج التاريخي في الحركة العلمية:
1 ـ دعت أول سورة نزلت في مكة إلى طلب العلم (اقرأ باسم ربك الذي خلق).
2 ـ أخذ المسلمون في مكة يتدارسون الفرآن وهم قلة قليلة مستضعفون في وسط الأعداء بل وفي وسط التعذيب كانوا يتعلمون ويعلمون القرآن، ويكتبه الكاتبون في صحف، ففي قصة إسلام عمر بن الخطاب أنه عمد إلى اخته وختنه، وعندهما خباب بن الارت معه صحيفة فيها ((طه)) يقرئهما إياها. [السيرة النبوية لابن هشام 344/ 1].
3 ـ على رأس السنة العاشرة من البعثة، دخل الإسلام المدينة، وكان رافع بن مالك الأنصاري من أوائل من أسلم من أهل المدينة، ونقل ابن حجر في الإصابة أن رافعاً لما لقي النبي صلى الله عليه وسلم بالعقبة، أعطاه ما أنزل إليه في عشر السنين التي خلت، فقدم به رافع إلى المدينة ثم جمع قومه فقرأ عليه في موضعه.
وقولهم في الرواية: ((أعطاه ما أنزل إليه)) لم يذكروا كيفية الإعطاء، ولكننا نقدر أن يكون ذلك مكتوباً، لكثرة القرآن المكي .. ولأن الرواية تقول: ثم جمع قومه فقرأ عليه في موضعه.
فلعلها قراءة من الصحف.
4 ـ وبعد العقبة الأولى: كتبت الأوس والخزرج إلى رسول الله: ((ابعث إلينا مقرئاً يقرئنا القرآن)).
فبعث إليهم مصعب بن عمير، فنزل على أسعد بن زرارة، فكان يقرئهم القرآن، وكانت يجمع بهم.
5 ـ بعد الهجرة: حث القرآن والسنة على طلب العلم، وتبليغه، فقال تعالى: (وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم، لعلهم يحذرون) [التوبة: 122].
وسبب نزول الآية، أن رسول الله كان إذا بعث بعثاً بعد غزوة تبوك، وبعدما انزل في المتخلفين من الآيات الشداد، استبق المؤمنون كافة إلى…

الصفحة 214