كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
215…النفير، وانقطعوا جميعاً عن استماع الوحي والتفقه في الدين، فأمروا أن ينفر من كل فرقة منهم طائفة إلى الجهاد، ويبقى أعقابهم يتفاقهون حتى لا ينقطعوا عن التفقه الذي هو الجهاد الأكبر، لأن الجدال بالحجة أعظم أثراً من الجلاد بالسيف.
وقوله: ليتفقهوا: الضمير فيه للفرق الباقية بعد الطوائف النافرة من بينهم.
وقوله: ولينذروا قومهم: أي: ولينذر الفرق الباقية قومهم النافرين إذا رجعوا إليهم، بما حصلوا في أيام غيبتهم من العلوم. [الكشاف سورة التوبة].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)) [رواه احمد 252/ 2].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((من سئل عن علم ثم كتمه أُلجم يوم القيامة بلجام من نار)).
6 ـ يظهر من نصوص الأحاديث أن الرسول عليه الصلاة والسلام حثًّ الصحابة على تعليم اخوانهم مجاناً، وألا يقبلوا على التلعيم هدية، لما روى الإمام أحمد عن عبادة بن الصامت قال: ((علمت ناساً من أهل الصفة الكتابة والقرآن، فأهدى إلي رجل منهم قوساً، فقلت: ليست لي بمال، وأرمي عنها في سبيل الله، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن سرك أن تطوق بها طرقاً من نار فاقبلها)).
وروى البيهقي في السنن الكبرى [126/ 6]: عن ابي بن كعب، أنه كان يقوم بتعليم القرآن، فأهدى إليه رجل من طلابه قوساً، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أخذتها فخذ بها قوساً من نار)).
لكن البخاري عقد باباً في كتاب ((الإجارة)) بعنوان ((ما يعطى في الرقية بفاتحة الكتاب)) ونقل فيه قول النبي صلى الله عليه وسلم ((أحق ما أخذتم عليه اجراً كتاب الله)) وقول الشعبي: ((لا يشترط المعلم إلا أن يعطى شيئاً فليقبله)) وقال الحكم: ((لم أسمع أحداً كره أجر المعلم)) وأعطى الحسن دراهم عشرة ... وقد استدل الجمهور بالحديث النبوي في جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن وخالف الحنفية فمنعوه في التعليم، وأجازوه في الرقي كالدواء، قالوا:…