كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

216…
لأن تعليم القرآن عبادة، والاجر فيه على الله. قال ابن حجر: وادعى بعضهم نسخه بالأحاديث الواردة في الوعيد على أخذ الأجرة على تعليم القرآن، وقد رواها أبو داود وغيره، قال: وتعقب، بأنه اثبات للنسخ بالاحتمال وهو مردود، فإن الاحاديث ليس فيها تصريح بالمنع على الاطلاق، بل هي وقائع أحوال محتملة للتأويل لتوافق الأحاديث الصحيحة، كحديث الباب.
ولكننا عندما نستنطق سياق النصوص، الأحكام التاريخية، فاننا نجد أن التعليم مر بمرحلتين:
المرحلة الأولى: في العهد النبوي: ولم يكن أحد يأخذ الأجرة على التعليم بعامة، وتعليم القرآن والفقه بخاصة، حيث لم يتفرغ أحد للتعليم.
والمرحلة الثانية: أخذ المعلمون الهجرة أو الهدية، لتفرغهم لهذا العمل .. وليس عندنا دليل على زمن بداية هذه المرحلة، ولكن يظهر انها بدأت قليلة ثم انتشرت ... وقد أخذنا هذا التقسيم التاريخي من النصوص التالية:
أولاً: الحديث النبوي ((أحق ما أخذتم عليه أجراً كتاب الله)).
جزء من حديث طويل في كتاب ((الطب)) جاء في سياق أخذ بعض الصحابة الأجرة على الرقية بالقرآن، وهو يشبه أخذ الأجرة على الدواء.
ثانياً: قوله: وأعطى الحسن دراهم عشرة .. وسياق الخبر كما نقله ابن حجر في الفتح [454/ 4] عن يحيى بن سعيد بن أبي الحسن ـ والحسن البصري عمه ـ قال: لما حذقت ـ أي العلم ـ قلت لعمي ـ الحسن البصري ـ يا عماه، إن المعلم يريد شيئاً قال: مل كانوا يأخذون شيئاً، ثم قال: أعطه خمسة دراهم، فلم أزل به حتى قال: أعطه عشرة دراهم.
ويدل الخبر على أن المعلمين لم يكونوا يأخذون أجراً يوم تعلم الحسن البصري. وقد كانت بداية الحسن البصري في المدينة النبوية ونشأ وأخذ عن الصحابة.
ثالثاً: نقل ابن حجر عن عبد الرزاق، أخبر معمر عن قتادة: أحدث الناس…

الصفحة 216