كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

218…
وأخرج ابن عساكر عن أبي ثعلبة الخشني قال: ((لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، ادفعني إلى رجل حسن التعليم، فدفعني إلى أبي عبيدة بن الجراح، ثم قال: دفعتك إلى رجل يحسن تعليمك وأدبك).
9 ـ وأعلن الرسول عليه الصلاة والسلام حرباً عامة على الجهل، فأمر الناس أن يتعلموا الفقه والقرآن من جيرانهم، فقد ترجم في ((الإصابة)) لأبزا الخزاعي، فخرج عنه أن رسول الله خطب الناس فأثنى على طوائف من المسلمين خيراً ثم قال: ((ما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم ولا يتفقهون)).
وساق الحديث مطولاً الهيثمي في مجمع الزوائد تحت باب ((تعليم من لايعلم)).
10 ـ وكان النبي صلى الله عليه وسلم، يوزع الوفود التي تفد إلى المدينة على دور الأنصار ليقوموا بضيافتهم وتعليمهم.
لما روى الإمام أحمد [4/ 206] أن رسول الله قال: ((يا معشر الأنصار، اكرموا اخوانكم ـ وفد عبد القيس من هجر بالمنطقة الشرقية من السعودية ـ فإنهم اشباهكم في الإسلام .. أسلموا طائعين غير مكرهين .. وسأل رسول الله وفد عبد القيس: كيف رأيتم كرامة اخوانكم لكم وضيافتهم إياكم، قالوا: خير اخوان، ألانوا فرشنا وأطابوا مطعمنا وباتوا وأصبحوا يعلموننا كتاب الله وسنة نبينا، فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم وفرح بها، وقال الراوي وهو أحد الوفد: ثم أقبل علينا رجلاً رجلاً يعرضنا على ماتعلمنا، وعلمنا، فمنا من تعلم التحيات وام الكتاب والسورة والسورتين، والسنة والسنتين .. الحديث)).
11 ـ استبحر العلم في المدينة، وكثر حفظة العلم، والفقهاء، والقراء، واصبح في قدرة أهل المدينة أن يمدوا اخوانهم في الاقاليم الاخرى بالمعلمين، ولم يتأخر هذا الاستبحار، فقد روى ابن هشام قال: قدم على رسول الله بعد احد ـ في سنة ثلاث ـ رهط من عضل والقارة، فقالوا: يا رسول الله، إن فينا اسلاماً فابعث معنا نفراً من اصحابك يفقهوننا في الدين، ويقرئوننا القرآن، ويعلموننا شرائع الاسلام، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم نفراً ستة وقيل بعث عشرة.
ومنهم عاصم بن…

الصفحة 218