كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

221…من الانصار يقال لهم: القراء، منهم خالي حرام، يقرؤون القرآن ويتدارسونه وبالليل يتعلمون، وكانوا بالنهار يجيئون بالماء فيضعونه في المسجد ويحتطبون فيبيعونه ويشترون به الطعام لاهل الصفة الفقراء .. )).
ويدل هذا الخبر على أن وجود الصفة، كان منذ بداية الهجرة النبوية وبناء المسجد، لأن هؤلاء القراء الذين كان يشترون بثمن الحطب طعاماً لأهل الصفة، استشهدوا في حادثة بئر معونة في السنة الرابعة من الهجرة.
ويظهر أن أمر الصفة قد انتهى مع بداية العهد الراشدي، لأن ابن الجوزي قال: ((هؤلاء القوم انما قعدوا في المسجد ضرورة، وانما أكلوا من الصدقة ضرورة، فلما فتح الله على المسلمين، استغنوا عن تلك الحال وخرجوا)).
وربما خرجوا مع الفاتحين، ففتح الله لهم أبواب الرزق.
(هـ) عددهم: نقل ابن الحجر عن واثلة بن الاسقع قال: ((كنا في الصفة وهم عشرون رجلاً فأصابنا جوع، وكنت من أحدث اصحابي سناً، فبعثوا بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم اشكوا جوعهم)).
وروى البخاري عن ابي هريرة [ك الصلاة ب 58] قال: ((رأيت سبعين من أهل الصفة ما منهم رجل عليه رداء .. )).
وعدهم أبو نعيم في ((الحلية)) فزادوا على مئة .. وقال ابن تيمية: جملة من آوى إلى أهل الصفة مع تفرقهم، قيل: أربعمائة وقيل: أكثر والظاهر أنهم لم يثبت لهم عدد في زمن، فكانوا يكثرون يوماً، ويقلون يوماُ: فمنهم من كان يقيم أياماً ثم يرجع إلى قبيلته، ومنهم من يتزوج فينفرد، في بيت، ومنهم من يستشهد.
(و) وظيفة أهل الصفة: قال تعالى: (للفقراء الذين احصروا في سبيل الله لا يستطيعون ضرباً في الارض.
يحسبهم الجاهل اغنياء من التعفف، تعرفهم بسيماهم لا يسألون الناس إلحافاً) .. الآية [البقرة: 273].

الصفحة 221