كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

222…والمعنى: اجعلوا ما تنفقون للفقراء الذين احصرهم الجهاد، لايستطيعون ضرباً في الارض، للكسب لاشتغالهم بالجهاد.
قال الزمخشري: قيل: هم اصحاب الصفة، وهم نحو اربعمائة رجل من مهاجري قريش لم يكن لهم مساكن في المدينة ولا عشائر، فكانوا في صفة المسجد، وهي سقيفة، يتعلمون القرآن بالليل ويرضخون النوى بالنهار، وكانوا يخرجون من كل سرية بعثها رسول الله، فمن كان عنده فضل اتاهم به اذا امسى.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً على اصحاب الصفة، فرأى جهدهم وطيب قلوبهم فقال: ((ابشروا يا اصحاب الصفة، فمن بقي من امتي على النعت الذي انتم عليه راضياً بما فيه، فانه من رفقائي في الجنة)).
(ز) تلخيص ومناقشة:
أولاً: الصفة مكان مسقوف في مؤخرة المسجد، اعد للغرباء الفقراء الذين يفدون إلى المدينة لاعلام اسلامهم، والتزود من احكام الاسلام.
وهم من العزاب الذين لا أهل ـ زوجة ـ لهم.
ثانياً: كانوا يكثرون ويقلون بحسب تبدل الاحوال التي تحيط بأهل الصفة من عودة لاهل، أو زواج، أو يسر بعد عسر، أو شهادة في سبيل الله.
ثالثاً: لم يكن فقرهم لقعودهم عن العمل وكسب الرزق، فقد ذكر الزمخشري أنهم كانوا يرضخون النوى بالنهار، ويظهر انهم كانوا يرضخون النوى ـ يكسرونه ـ لعلف الماشية، وهم ليسوا أهل ماشية، فهم اذاً يعملون لكسب الرزق.
وربما جاء فقرهم من نواح:
1 ـ انهم كانوا مرابطين في سبيل الله، يخرجون للجهاد مع كل سرية أو غزوة لأن رواية الزمخشري تقول: ((وكانوا يخرجون من كل سرية بعثها رسول الله)) واذا خرجوا من كل سرية، فانهم يخرجون في الغزوات ايضا وكان مجموع الغزوات والسرايا اربعاً وسبعين غزوة وسرية في مدة عشر سنوات من…

الصفحة 222