كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)
223…
الحياة النبوية، واذا قسمنا 74 ÷ 10 = 4. 7 يكون في كل عام حوالي سبع غزوات وسرايا، ولا يمضي شهران دون غزوة أو سرية، وفي هذه الحال لا يجد احدهم وقتاً للضرب في الارض وكسب الرزق.
2 ـ من قدم منهم لاعلان اسلامه، والتزود من القرآن والسنة، فانه يجعل شغله الشاغل ملازمة مسجد رسول الله، لينال حظاً أوفر من العلم، فهو كطالب العلم المنقطع إلى طلب العلم، يعيش على الكفاف من أجل ذلك.
ولهذا يمكن أن نعد الصفة مدرسة شغل أهلها بطلب العلم.
3 ـ قصر المدة التي يمضيها أحدهم في المدينة، لا تتيح له الضرب في الارض للكسب.
رابعا: نرجح أن أهل الصفة كانوا ينتمون إلى قبائل بعيدة عن المدينة، وليسوا من الأنصار، أو من المهاجرين.
أما كونهم ليسوا من الأنصار، لأن الأنصار كانوا أهل المدينة، ولكل بيته وعمله، وهم ليسوا من المهاجرين؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام آخى بين المهاجرين والأنصار، ومن حقوق المؤاخاة أن يكفل الأنصاري للمهاجر أقل قدر من القوت.
أما قول ابن حجر: إن السبعين الذين أرسلهم رسول الله في غزوة بئر معونة كانوا من أهل الصفة، ففيه نظر؛ لأن رواية الامام مسلم عن أنس بن مالك، تقول انهم من الأنصار، وانهم كانوا يحتطبون في النهار لبيع الحطب والانفاق على أهل الصفة فكيف يكونون من أهل الصفة، ويحتطبون للإنفاق على أهل الصفة فهم إذن ينفقون على أنفسهم، ومعنى هذا أن أهل الصفة كانوا يعملون ليسدوا حاجتهم من الطعام، وليسوا قاعدين عن العمل لأن الزمخشري يقول: إنهم كانوا يرضخون النوى بالنهار، ولكن يبدو أن عملهم لم يكن يسد كل حاجتهم.
خامساً: وبناءً على ما سبق من النتائج: أن أهل الصفة مجاهدون…