كتاب المدينة النبوية في فجر الإسلام والعصر الراشدي (اسم الجزء: 1)

224…
مرابطون، أو طلاب علم متفرغون، ويعملون ولكن عملهم لا يسد حاجتهم ننكر على من قال: ان اهل الصفة لم يشتغلوا بغير الذكر والفكر والقعود في المسجد وكان القراء يطعمونهم وان ترك العمل لطلب الرزق طريقة أقرها النبي صلى الله عليه وسلم، وانه امرهم بالتوكل .. [التراتيب الادارية 1/ 478] لأن قولهم هذا يناقض ما جاء في الاحاديث الصحيحة: فقد روى البخاري في كتاب البيوع باب ((كسب الرجل وعمله بيده)): عن عائشة رضي الله عنها ((كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عمال انفسهم، فكان يكون لهم أرواح، فقيل لهم: لو اغتسلتم)).
وقال صلى الله عليه وسلم: ((ما أكل احد طعاماً قط خيراً من ان يأكل من عمل يده، وان نبي الله داود، كان يأكل من عمل يده)).
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره خير من أن يسأل احداً فيعطيه أو يمنعه .. )).
وانظر باب ((الاستعفاف عن المسألة)) في كتاب الزكاة ... نعم، يمكن القول ان بعض الصحابة زهدوا في الدنيا، بمعنى انهم لم يحصلوا من الرزق اكثر من حاجتهم .. اما الكثرة الكاثرة فانهم كانوا يعملون ويربحون ولكنهم كانوا خزاناً لله تعالى.
ويكفي دليلاً على عمل المهاجرين والأنصار قول ابي هريرة: ان اخواني من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالاسواق وان الأنصار كانوا يعملون في حوائطهم ((البساتين)). وكان كبار الصحابة وفقهاؤهم ومقدموهم يعملون. وارجع إلى تراجم ابي بكر وعمر وعثمان، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير، وطلحة، وسعيد بن زيد، وابي هريرة، فبعد العهد النبوي احيا ارضاً وزرعها .. [انظر: التراتيب الادارية 2 / القسم التاسع].
* * *…

الصفحة 224